عبد العزيز نفسه عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة (١) وليس الوالي إسماعيل بن أبي المهاجر. وبنفس الكيفية عيّن مروان بن محمد عبد الرحمان بن زياد في المرّة الأولى من قضائه وعيّنه أبو جعفر المنصور في فترته الثانية (٢). لكن في المقابل وهنا في الفترة العبّاسية نسجّل عزل الوالي يزيد بن حاتم لقاضيين على الأقلّ هما عبد الرحمان بن زياد (٣) ويزيد بن الطّفيل (٤) وتسميته ماتع الرّعيني (٥).
ويبدو أنّ ابن فرّوخ تحصّل على قضائه العابر من تعيين روح بن حاتم له (٦) ونفس الشيء بالنسبة لخليفته ابن غانم.
وهكذا يتدخّل خليفتان أمويان في تعيين قضاة إفريقية (٧) رأسا في حين أنّ ولاة من العهد العباسي لم يتردّدوا في تسميتهم وعزلهم ، وهذا خلافا للصورة الاستشراقية التي قد لا تنطبق إلّا على المركز. وحقيقة الأمر أنّ إفريقية القرن الثاني كان لها وضع خاص ولا يمكن أن تمثّل كلّ دار الإسلام في هذا الصّدد ، فهي بعيدة جدا وشاسعة ، والولاة المهلّبيون خاصة كان لهم هامش استثنائي من الاستقلالية ، وأخيرا يجب استعمال مصادرنا المتأخّرة زمنيا بكثير من الحذر والاحتراز. مع هذا ، لا نرى موجبا في أن يختلق التقليد المغربي وقد جمّعه أبو العرب والمالكي مثل هذه التفاصيل وبهذه الكيفية.
وإذا كان هذا التقليد يريد أن يثبت شيئا تجاوزا للحقيقة التاريخية فهو أن ينسب للخليفة عددا كبيرا من تعيينات القضاة كي يرفع من شأن هذه الخطة ويعليها. فهذا التقليد تكوّن في العهد الأغلبي حيث برز وسط
__________________
(١) المالكي ، رياض النفوس ، ص ٨٢.
(٢) م. ن ، ص ١٠٢.
(٣) م. ن ، ص ١٠٢.
(٤) م. ن ، ص ١١١ ؛ أبو العرب ، طبقات ، ص ٣٤.
(٥) المالكي ، رياض ، ص ١٠١.
(٦) طبقات ، ص ٣٥ ؛ رياض ، ص ١١٨.
(٧) وأيضا قاضي الجند من طرف هشام : رياض ، ص ٧٥.