المعارة للمشكل المالي الذي كانت انعكاساته علاوة على ذلك متعدّدة على التوازن الاجتماعي وكذلك على التطوّر الديني.
لقد وقع تطبيق الوضعية القانونية على أحفاد البيزنطيين أو الرّوم ، وعلى الأفارقة سواء كانوا مزارعين أو حضريين مترومنين ، وكذلك على قبائل البربر الذين حافظوا على العقيدة المسيحية ، فأجبر كلّ هؤلاء على دفع الجزية على الرؤوس والخراج على الأراضي. ومع ذلك ، دخلت أغلبية البربر الذين كانوا يعيشون في الأطر القبلية إلى الإسلام مبكّرا.
وكان من المفروض ألّا يتحمّلوا سوى الضرائب المفروضة على العرب المسلمين عادة أي العشر على المحاصيل الزراعية والمنتوجات التجارية ، والزكاة على قطعان المواشي. ولا يبدو أنّ الوضع في إفريقية بتحديد المعنى كان أكثر تعقيدا بسبب ممارسة المخالفات والابتزاز بشتّى أشكاله مثل التخميس المعمول به عشوائيا في الرّيف (١). وتعني هذه العبارة الغامضة «أخذ الخمس» دون شك لصالح الدولة ، غير أنه يصعب تحديد أشكالها بصفة ملموسة.
لا بدّ أن تكون الإدارة المركزية العربية قد ارتكزت في البداية ، وفي تفاصيل سير عملها على طرق البيزنطيين وموظفيهم ، خاصة وأن اللغة المتعامل بها كانت اللاتينية. ثم إن التعريب اخترقها شيئا فشيئا. وإلى الكتّاب الأفارقة المختلطين بالموالي المستعربين والعرب تعود إقالة هؤلاء البيزنطيين واستبدالهم كلما ترسّخت اللغة العربية. ويمكن القول إن تعريب الإدارة على المستوى المركزي ، قد وقع إنهاؤه في الثلث الأول من القرن الثاني (١٠٠ ـ ١٣٠ ه).
لقد أشارت المصادر في هذه الفترة إلى وجود كاتب ذي قيمة هو خالد بن ربيعة الإفريقي الذي كان صديق الشهير عبد الحميد الكاتب وزميله (٢).
__________________
(١) مثلا في ولاية ابن الحبحاب ، الكامل ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ؛ البيان ، ج ١ ، ص ٥١ و ٥٢.
(٢) لدينا إشارة عن خالد بن ربيعة في البلاذري ، فتوح ، ص ٢٣٣ ؛ ح. ح. عبد الوهاب ، ورقات ، ج ١ ، ص ١٥١ ـ ١٥٦.