الممثلين للتأثير والقوّة الاجتماعيين البارزين.
حسب رأينا ، لا يمكن أن يتجاوز عدد المستقرين العرب نهائيا في إفريقية الخمسين ألف شخص. وكانت أغلبية العرب القادمين في العهد الأموي من أصل مصري وسوري ، غير أن ولاة العباسيين مثل ابن الأشعث ، ويزيد بن حاتم اللذين واصلا استصحاب السوريين والمصريين ، جلبا معهما خاصة عراقيين ، وعربا من خراسان ، وخراسانيين بحصر المعنى. ومن بين العرب الذين قدموا مع العباسيين كان التميميّون أغلبية. وهو ما أدّى إلى القطع مع التوازن القديم الذي كان فيه اليمنيّون الأغلبية الساحقة ، فقلب الوضع لصالح المضريين.
ظلّ العنصر العربي المنتشر في البلاد بحسب أماكن الحاميات ، والحاجيات العسكرية ، حضريا أساسا. وفي العهد الأموي مثلما هو الشأن بالنسبة إلى العهد العباسي ، كانت مراكز التجمّعات الأكثر أهمية هي القيروان ، وهي إنشاء عربي صرف ، وتونس ، والزاب. من الطبيعي أن يستقرّ في عاصمة الولاية ـ وبحكم توجهاتها الأولية ـ عدد كبير يوجد فيه ممثّلون لأغلب المجموعات القبلية المعروفة ، كلبيين ، معافريين ، ومجموعات من مزينة وجهينة ، والتنوخيين والتجيبيين ، وتيم ربيعة ، وقيسيّين وتميميّين ، دون أن ننسى الأرستقراطية الأنصارية ـ القرشية (١) ، التي تحتل فيها عشيرة القرشيين الفهريين مكانة مميزة تعود إلى عدد أعضائها وحلفائها ، وكذلك ومن دون شك إلى رصيد العظمة المتراكم حول شخصية عقبة شهيد الفتح (٢). وقد اكتسبت هذه العشيرة ، خارج
__________________
(١) هذا ما يستنتج من الانتماء القبلي لشخصيات مذكورة في كتب الأخبار مثل ابن الرّقيق ، ص ٩٩ ـ ١٣٩. ويعطي تحليل مصدر التراجم المناقبية مثل المعالم ذكر رقم ٤١ شخصية بالنسبة إلى طبقة الصحابة منهم ١٨ قرشيا ، و ٤ أنصار ، و ١٧ عضوا من مزينة وجهينة ، و ٢ من الموالي ، ووقع ذكر ٢٦ اسما بالنسبة إلى الطبقة الثانية أو طبقة التابعين وهم ٣ من الأنصار. و ٢ من معافر (يمنيّين) ، والتوزيع تقريبا متساو بين بقية القبائل. ونجد ـ بالنسبة إلى الطبقة الثالثة أو طبقة تابعي التابعين ـ بروزا واضحا للعناصر العربية الجنوبية (لخم ، معافر ، همدان ، تجيب .. إلخ).
(٢) جمهرة أنساب العرب ، ص ١٧٧ و ١٧٨.