صار يدلّ عليه لاحقا. هذا علاوة على أنّ فحص المصادر بدقّة يأتي بتأكيد المشاركة الكثيفة والشاملة لكل البربر في الحركة الخارجية. وقد كسبت هذه الحركة فعلا وبسرعة كبيرة توسّعا هائلا وتماهت مع قضية البربر في جملتها.
وعيّن وال جديد على إفريقية وهو حنظلة بن صفوان في سنة ١٢٤ ه ، ولم يكن في حاجة إلى تقصّي الثوار ، إذ هجم هؤلاء على القيروان رأسا في وحدتين يقود الأولى عكاشة الصّفري وقد تجمّعت فيها" كلّ قبائل البربر" حسب ما يذكره الإخباريون ، ويقود الثانية عبد الواحد بن يزيد وهي تتركب أساسا من عناصر من" هوّارة".
ولم يصل الجيشان في نفس اللحظة إلى القيروان وهو ما أسعف وضعية حنظلة ، إذ انقضّ أولا على عكاشة وسحقه في معركة" القرن" ، ثم انتصر على عبد الواحد في معركة" الأصنام" (١٢٤ ه). ولاقت هذه الانتصارات صدّى كبيرا في المشرق ، كما أوقفت مؤقتا الهجمات الخارجية على القيروان.
وهكذا ، من ١٢٤ إلى ١٢٧ ه ، أمكن للولاية أن تتمتّع بهدوء نسبي ، بعد سنتين من التهديدات الكبرى والصدامات على كامل بلاد المغرب. لكنّ الحركة الخارجية غلبت على أمرها في آخر المطاف ، فتوقفت كانتفاضة عنيفة وستجد فيما بعد مخرجا آخر إذ ستكوّن إمارات مهمّة وستبقي على وجودها إلى الآن في بلاد المغرب ، وهذا ما يمثّل وزن التاريخ على المصائر الإنسانية. الحركة الخارجية حركة تعتمد على هرطقة خرجت من صلب الإسلام وأصابت بدعوتها مسلمين بربر مؤطّرين في قبائل ، من طنجة إلى طرابلس ، على امتداد أرض المغرب الشاسعة. فهي ثورة مسلمين هضموا في حقوقهم ورفض دمجهم بل عوملوا معاملة المغلوبين ومغلوبين مقهورين بصفة فظة من طرف العرب المحتلين للبلاد والمرتبطين بحكم أجنبي إمبراطوري بعيد.
المشكلة هي أنّ المغرب أسلم سريعا وهذا لم يحصل في غيره من