الخطورة ، لكنّها مثّلت في هذه الفترة بالذات حلقة جديدة من حلقات الانحلال الكامل لسلطة الخلافة الإسلامية.
حكم الفهريين في إفريقية : ١٢٧ ـ ١٤٠ ه
لقد استولى إذن عبد الرحمان بن حبيب على السلطة بالقيروان ، لكنّه لم يقطع الصلة بالحكم المركزي ، فوجّه بداية من ١٢٧ ه ولاءه للخليفة مروان بن محمد الذي تقبّله بحكم عجزه عن مراقبة الولايات. على أنّ عبد الرحمان حكم إفريقية كأمير مستقلّ وبقوّة نادرة. فسيطر على النظام العام بشدّة وقام بتقتيل رهيب في صفوف القبائل البربرية. وهكذا ، لمدّة عشر سنوات (١٢٩ ـ ١٣٩ ه) ضعفت الحركة الخارجية وتقهقرت. لقد قمع عبد الرحمان الثورات الصّفرية سواء بمدينة تونس أو بمدينة باجة في إفريقية بالذات ، لكنّ هذه الحركة ازدادت قوة في باقي بلاد المغرب ـ الأوسط والأقصى ـ حيث استفحلت ونمت بعد موت عبد الرحمان. فأمّا حركات الإباضية ، فقد اشتدت بطرابلس وبجنوب تونس الحالية ، ولم تضعف إلّا بفعل تناقضاتها الداخلية التي أثّرت تأثيرا كبيرا حتى تولّي أبي الخطاب الإمامة في سنة ١٤٠ ه. وأمّا حركة قبيلة نفوسة الإباضية ، فقد استولت على قابس سنة ١٣٢ ه ، لكنّ عامل عبد الرحمان على طرابلس دحرها ودمّرها ، وقام الأمير بتذبيح كبير في صفوف الأسرى.
الحقيقة أنّ المشاكل الكبرى تأتّت من أزمة الخلافة في المشرق ، من انتهاء الدولة الأموية وانتصاب الدولة العبّاسية وهو حدث خطير جدا في المركز والأطراف. إنّ انهيار الدولة الأموية في ١٣٢ ه جعل عبد الرحمان في حلّ من تعهّداته بحيث أمكن تحقيق استقلالية إفريقية فعليا على المستوى القانوني. ولم يدم ذلك طويلا لكنّ الخليفة العبّاسي أبا العبّاس السّفاح عيّن في سنة ١٣٦ ه عمّه صالح بن علي واليا على مصر وفلسطين وإفريقية ، فجمع جيشا بالفسطاط ليغزو