المغرب ويفرض عليه الطاعة للحكم الجديد. صحيح أنّ عبد الرحمان لم يكن من أنصار العباسيين وهذا ما يفسّر فتح بلاده في وجه الأمويين الهاربين من المشرق ، لكنّه رأى نفسه مجبرا على الاعتراف في ١٣٧ ه بسلطة المنصور العليا على البلد وقد أمر المنصور بإيقاف الحملة التي قرّرها أخوه سابقا.
ويبدو في هذه اللحظة أنّ الهدوء سيطر على العلاقات بين الخلافة والولاية. لكنّ المصادر تذكر أنّ المنصور طالب بمطالب تعجيزية إزاء إفريقية التي ما انفكّت السلطة المركزية تعتبرها كأرض فيء وغنيمة. فاتخذ عبد الرحمان من هذه الشروط ذريعة للقطع مع الخلافة ، ولكي يبرز بمظهر بطل استقلالية إفريقية ، خلع البيعة وأكد علنا استقلال الولاية.
لكن القادة العرب لم يكونوا مستعدّين للقبول بهذه العملية وبالتالي بالانشقاق التام عن سلطة الخليفة ، وكانت سياسة عبد الرحمان الداخلية تسلّطية فهي تقلقهم وترهقهم. لذلك تشكلت مؤامرة ضدّه في نفس تلك السنة (١٣٧ ه) حول أخويه إلياس وعبد الوارث اللذين كانا مستاءين من النوايا التي تعزى للأمير في توريث ابنه حبيب من بعده. وقتل هكذا عبد الرحمان بيد إلياس بالذّات الذي حلّ محلّه على الإمارة ، لكن هذا الحدث أدخل إفريقية في دوّامة فوضى مظلمة. واندلعت الصراعات. وأوّلها فيما بين الأمير الجديد وابن أخيه حبيب وقد سانده عمّه عمران وموالي أبيه ، فأعلن مطامحه إلى الإمارة والثأر لأبيه عبد الرحمان. وبعد اتّفاق أوّلي بين المدّعين الثلاثة إلياس وحبيب وعمران حول اقتسام إفريقية لم يتمّ تطبيقه ، رجعت الحرب من جديد وانتصر فيها إلياس على ابن أخيه ثم قام بنفيه. لكنّ حبيبا سرعان ما تمكّن من العودة بقوة ونجح في قتل خصمه (١٣٨ ه). بقي تحييد قوى عبد الواحد أخ إلياس وحليفه.
هنا بالذات يتدخّل البربر الخوارج عبر قبيلة" ورفجّومة" التي تبنّت مساندة هذا الشقّ الأخير ، وهكذا دخل عاصم بن جميل رئيسها إلى القيروان آتيا من قابس بعد انتصاره على حبيب. ويقال إنه دعي من بعض