على طلائعه بلج بن بشر القشيري ابن عمّه" وبلغ عدد الجيش ١٢٠٠٠ مقاتل ، كما أنّ كلثوما اصطحب قسما من أهل مصر وأهل طرابلس.
وبعد هزيمة العرب ومقتل كلثوم ، حصل نزاع كبير بين بلج وعرب إفريقية على وادي مثلف كاد أن يؤدّي إلى نزاع مسلّح (١) ، وسبب ذلك أنّ الإفريقيين ومعهم أهل مصر رفضوا لأهل الشام الاستقرار بالمغرب ومزاحمتهم على وجودهم ومزاياهم. صحيح أنّهم كلّهم عرب ومسلمون ، لكنّ عامل الزمن يلعب دوره بين إفريقيين انغرسوا على أرض إفريقية منذ عهد عقبة ثمّ حسّان بن النّعمان ثمّ موسى بن نصير وبين وافدين جدد من أهل الشام مسلّحين بالقوّة. هناك عنصر من" الوطنية" في هذا الصّراع أي تعلّق بأرض افتتحوها أو افتتحها أجدادهم ونشأوا فيها وكوّنوا فيها شبكة العلاقات الإنسانية فيما بينهم وقاعدة اقتصادية قد لا تتّسع إلى عدد أكبر.
ولم يكن هذا خاصا بإفريقية بل هو شعور موجود في كافّة دار الإسلام حيث كان يعتبر المقاتلة أو أبناؤهم أنّ كلّ قطر افتتحوه واستوطنوه هو قطرهم دون غيرهم من بلاد أخرى حيث يتعيشون منه : هناك أهل العراق وأهل الشام وأهل مصر وأهل خراسان ... إلخ. من الممكن أنّ إفريقية لم تكن لتحتمل نزوحا إضافيا كبيرا ، ومن الأرجح أنّ أهلها ـ يعني دائما العرب ـ تأصّلوا فيها أكثر من غيرهم في أقطار أخرى بسبب البعد عن الجذور الذي يخلق الحرص على تنظيم البقاء فيما هو منفى أبدي. وكان لبلج وأصحابه من أهل الشام وعدد من أهل مصر إمكانية الهجرة إلى الأندلس ، وترسّخت هذه الفكرة في قلوبهم. لكنّ الأندلس كان بها أصحابها وأهلها وعليهم وال هو عبد الملك بن قطن الذي عيّن للمرّة الثانية وكان فرع من آل فهر من أبناء عقبة مستقرّين بها ومن ذوي التأثير الكبير على المقاتلة العرب وعلى الوالي على حدّ سواء ،
__________________
(١) ابن العذاري ، البيان المغرب ، ج ١ ، ص ٥٤ ـ ٥٥ : وكان على رأس الإفريقيين حبيب بن أبي عبدة أو عبيدة.