ومنهم سيخرج يوسف الفهري المتغلّب على الأندلس في زمن الفتنة بين بني أميّة وبني العبّاس.
إذن رفض الوالي عبور بلج ورجاله (١) وأمهله عاما ، خوفا منه إذ كانت بيده قوّة ضاربة عظيمة لن يستطيع مقاومتها كما أنّه لا يستطيع أن يرفض إلى الأبد دخولها ، خاصّة وأنّ مسلمي الأندلس وعربهم محتاجون إلى مدد لتوسيع دائرة الجهاد ولتخويف البربر الذين ثاروا في ١٢٣ ه كما ذكرنا (٢). ثم إنّ الشعور بوحدة الأمّة وتضامنها لم تطفئه تماما المصالح المحليّة بصفة عامّة وفي ثغر جهاد عظيم مثل الأندلس بصفة خاصّة. ولذا عبر بلج في سنة ١٢٣ ه مع شاميّيه وفي المراكب التي أرسل بها والي الأندلس (٣). وهذا حدث كبير سيؤثّر على تاريخ البلاد سواء في العاجل وأكثر من ذلك في الآجل. ففي العاجل ، ما كان يتخوّف منه الوالي عبد الملك بن قطن وقع ، فقتل الوالي من طرف أهل الشام (٤) وهم عشرة آلاف من المقاتلة وتولّى بلج بن بشر مكانه تغلّبا على الأندلس وحدث قتال بين عرب الأندلس القدامى وبين جيش بلج رفضا لتغلّب عناصر جديدة ، بسبب خصوصية كلّ عنصر ، وخوفا من المزاحمة على التسلّط على البلد وعلى الغنيمة والأموال. ومات بلج بعد سنة ، في ١٢٤ ه. كلّ هذا في خلافة هشام ، في آخرها بالضبط ، حيث بدت حتى في المركز إرهاصات الفتنة الثالثة وهي أزمة خلافات في الشام ذاتها ـ قاعدة الخلافة ـ بين اليمنية والقيسية وداخل البيت الأموي ذاته.
وفي سنة ١٢٥ ه تولّى أبو الخطّار الكلبي بتعيين من والي القيروان (٥) وبطلب من أهل الأندلس الذين فزعوا إلى الشرعية خوفا من
__________________
(١) البيان المغرب ، ج ٢ ، ص ٣٠.
(٢) م. ن ، ص ٣٠.
(٣) م. ن ، ص ٣٠ ـ ٣١ ؛ الكامل ، ج ٥ ، ص ٢٥٠ ـ ٢٥٢.
(٤) البيان المغرب ، ج ٢ ، ص ٣٢.
(٥) هو آخر من عيّن من طرف والي إفريقية والمغرب : البيان المغرب ، ج ٢ ، ص ٣٣ ؛ الأخبار المجموعة.