جديدا كبير الأهمية في تاريخ الفتح. على خلاف بلدان المشرق ، وجد هنا تدخّل عسكري للأهالي قوي ، ولكنه في أغلب الأحيان بالتعاون مع «السيّد» البيزنطي.
لتوضيح مشكل المقاومة البربرية ، لا بدّ من ملاحظة أنّ العرب ما داموا ينحصرون في غزوهم على النهب وعلى إخماد الفتن بمنطقة طرابلس وإفريقية بحصر المعنى ، لم تكن توجد تقريبا قلاقل من الجانب البربري.
فقبائل الجنوب كلواتة وهوّارة ونفوسة ، لم تحرّك ساكنا بالرغم من نهب بلاد الجريد ، ورغم فرض جباية ثقيلة على لواتة ، وذلك لأنّ هذه القبيلة اللّيبيّة كان قد وقع استنفاذها تحت الهيمنة السابقة ؛ وأن بلاد مزاق كانت منطقة فلاحيّة متحضرة ، ومن ثم بعيدة عن عالم البربر القبلي.
باختصار ، لم تبرز المقاومة البربرية عند ما كانت الغارات العربية مكتفية بالمجال البيزنطي تحديدا (منطقة طرابلس وبلاد مزاق) ، ولكن لا بدّ أن ننتظر ردّة فعل في الوقت الذي دخل خلاله العرب في عمل عسكري من الجانب الغربي ، يعني في المناطق الخاصة بالقبائل أو المجاورة لها مثل نوميديا. إنها إذن إفريقية البربرية ، إفريقية الحدود الصحراوية والمرتفعات الجبليّة مثل جبال الأوراس وما يجاورها التي ستعبّر عن سخطها. أمّا إفريقية المنتظمة أي إفريقية المتحضّرين والمزارعين والتي تتطابق تقريبا مع البلاد التونسية الحالية ، فتبقى مسالمة.
ولتفسير قوّة المقاومة البربرية وخاصيتها المخالفة للمألوف تقريبا عن سياق أحداث الفتح العربي للعالم ، يجب أن نلحظ ازدياد الظاهرة القبليّة منذ العهد القندالي ، والاضطرابات المستمرّة لشعوب الموريطانيّين تحت الهيمنة البيزنطية ، والتي تجسّدت في الغارات ضدّ إفريقية المنظّمة. ومن هنا ينضاف إلى النظام الدفاعي البيزنطي تشجيعات قادة القبائل.
لقد كانت الأمور في الحقيقة أكثر تعقيدا فيما يتعلّق بالتفاصيل. فنوميديا كانت المنطقة التي مثّلت قلب المقاومة وروحها ، وهي في النهاية ولاية بيزنطية شديدة التحضّر. ولتفسير مثل هذه الظاهرة ، نحن نعرف أن