ومراعاته لمن بقي من العرب. ولا يجوز مع ذلك تضخيم دوره فوق هذا الحدّ لأن كسيلة كان ، قبل كل شيء ، قائد قبيلة وسيظل كذلك ، لأن مستوى التطوّر الذي بلغه البربر في ذلك الوقت ، لا يسمح له بتأسيس دولة ، ولا بتجميع مختلف القبائل في جهاز دولة. على مستوى المجال ، لم يسيطر ، من دون شك إلّا على منطقة من إفريقية وهي بالتحديد التي أخضعها العرب ، لأنه بعيدا عن كل اعتبار لعدم استقرار التجمّعات البربرية ، وإمكانية انقسامها إلى شق معارض للعرب وشق مساند لهم ، يوجد ما يجب حسبانه مع البيزنطيين.
منذ سنة ٥٥ ه (٦٧٤ م) ، قام هؤلاء بترتيب عام واضح ، يجب أن نضعه في علاقة مع ارتخاء حصار العرب للقسطنطينية ، وكذلك مع انطلاق الإصلاح الديني لقسطنطين بوقوناConstantin Pogonat الذي ، بحدّه من التوتّرات الداخلية ، أمكنه أن يجعل المقاومة للهجومات العربية أحسن. إن «الميثاق» البربري البيزنطي الذي خلق لعقبة الكثير من المشاكل ، لعب أيضا دوره ، خلال بضع السنوات اللاحقة في دحر العرب ، الذين لم يروا فقط إقامة نوع من شكل «السيادة» البيزنطية على «إمبراطورية» كسيلة ، وإنما أيضا احتمال إعادة استقرار البيزنطيّين على بلاد مزاق ونوميديا.
لكنّ العرب قد نجحوا من جانبهم في أن يتجاوزوا إلى حدّ ما أزمتهم الداخلية الخطيرة التي زعزعت الدولة. فبسرعة وقع إعادة مصر إلى سيطرة الأمويين بعد انهزام الانشقاق الزبيري في معركة بصاق.
وأظهر المروانيون القادمون الجدد إلى السلطة ، أنهم في مستوى مسؤولياتهم ، فمنذ ٦٥ ه آلت الخلافة إلى عبد الملك ، في حين نصّب أخوه عبد العزيز على رأس ولاية مصر. فعلى الصعيد العسكري ، أمكن للعرب إذن التفكير في عمل جديد بإفريقية. الآن وقد انضم إلى القضية المروانية بعد أن حاربها ، سيتكفّل زهير بن قيس قائد عقبة القديم بهذا العمل. من هنا ستخرج حملته الخاطفة التي يحيط بها الكثير من