بإرسائهم قاعدة قانونية وشرعية لمقاطعة ضعيفة وغير مراقبة كالحال بالنسب لإفريقية.
منطقيا يجب اعتبار عمل عقبة بن نافع وراء فرض انبثاق الولاية كوحدة إدارية : فتأسيس معسكر القيروان هو مظهر من مظاهر التصرف باستقلال. وتبقى صدمة عزل عقبة إلى جانب بقيّة العوامل دليلا (١) يمكن تقديمه على غرابة الموقف.
ورغم أنه يجوز فوق كلّ هذه الاعتبارات الانتباه إلى الألفاظ المتّصلة بالمؤسسة في وثائقنا ، فهي تقدّم لنا العون لما نلاحظه فيها من تغيير في اللغة وظهور عبارات جديدة مع وصول عقبة. فإذا كان ابن عبد الحكم يتحدّث عن" خروج" عقبة للمغرب فهو يسند للخليفة معاوية عبارة «لقد رددتك إلى عملك» ، وذلك عند ما شرح له عقبة المظلمة التي تعرض إليها واشتكى له من عزله بقساوة من طرف مسلمة (٢).
إننا نتبيّن جيدا أن المشهد الذي صوّره ابن عبد الحكم والذي جمع بين الخليفة والقائد العربي هو افتراء من وضعه. لكن هذه الرواية تترجم الأحاسيس السائدة في القرن الثاني للهجرة بالمظلمة التي تعرض لها عقبة وتدفع إلى الاقتناع بقضيته بشكل غير مقصود مع ما في ذلك من حقيقة بأن عقبة كان واليا وأن إفريقية كانت عملا (ولاية). علاوة على ذلك يستعمل البلاذري في عدّة مناسبات فيما يخصّ عقبة عبارة" ولّاه المغرب" ويضيف بالاستناد لرواية للواقدي (٣) : «عند ما وصل يزيد بن معاوية للخلافة أعاد عقبة لعمله».
إذا يكون قيام ولاية إفريقية كوحدة إدارية في حوالى سنة ٥٥ / ٦٧٥ في نهاية إشراف عقبة على المنطقة ، وهي نتيجة لمبادراته المتكررة
__________________
(١) البلاذري ، فتوح البلدان ، القاهرة ، ١٩٣٢ ، يذكر روايات الواقدي في هذا الصدد ، ويعززه ابن عبد الحكم : فتوح ، م. س ، ص ٢٦٥.
(٢) فتوح البلدان ، م. س ، ص ٢٦٢ و ٢٦٦.
(٣) م. س ، ص ٢٣٠.