والحيوية ، وكذلك نظرا للمراقبة الناجحة التي فرضها على البيزنطيين. وقد تصرّف عقبة بعد عزله كوالي لحقته الإهانة لكنه لم يشكّك في خلفه أبي المهاجر الذي عيّنه مسلمة (١).
ورغم تضخيم الإخباريين الصراع بين أبي المهاجر وعقبة فهل يجدر أن يتّخذ الخلاف شكلا آخر في مقاطعة تمّ تأسيسها حديثا ، بدليل أن سلوك تعدّي الوالي الجديد على سلفه هو ظاهرة عادية ونموذجية في المقاطعات الإسلامية في تلك الفترة؟
وستتواصل تبعيّة هذه الولاية الجديدة لسلطات الفسطاط على الرغم من أن وضعها القانوني قائم الذات. هنا يطرح حسب رأينا الإشكال المركزي حول طبيعة العلاقات بين مصر وإفريقية. هذه العلاقات كانت قوية منذ البداية. فقد انطلقت الحملة العربية الأولى على إفريقية من الفسطاط في ٢٧ / ٦٤٧ بقيادة والي مصر شخصيا عبد الله بن سعد بن أبي سرح. وشملت علاوة على بعض البدو المنتدبين من أطراف المدينة أغلبية من جند مصر (٢). وهي نفس الملاحظة التي يمكن أن نكرّرها حول بقية الحملات ، فقد كانت مصر قاعدة انطلاق الحملات فتوفّر المال والتجهيزات والجند والقادة اللّازمين. هؤلاء كانوا في أغلبهم قد مارسوا القيادة.
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح مصر ، م. س ، ص ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، ويستعمل عبارة" ولّى" في مناسبتين ؛ ابن العذاري ، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، نشر كولان ـ ليقي بروقانسال ، ليدن ١٩٤٨ ، ص ٢١ ـ ٢٢ يستعمل عبارة" استعمل". رغم أن هذا المصدر متأخر فإنه ينقل رواياته عن إخباريين من قدامى. من ذلك ابن الرقيق من الرواة المغاربة الصرف وكذلك لإخباريين للرواية الإسبانية. وحول هذه النقطة الأخيرة ، انظر : ليقي بروقانسال ، مجلة أرابيكا ، العدد ١ ، سنة ١٩٥٤ ، ص ١٩ ؛ البلاذري ، م. س ، ص ٢٣٠.
(٢) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٤٦ ؛ ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٨ وما بعدها ؛ أبو العرب ، طبقات علماء إفريقية ، نشرة ابن شنب ، الجزائر ١٩١٤ ، ص ١١ ؛ ومتبوع بكتاب المالكي ، رياض النفوس ، نشره ح. مؤنس ، القاهرة ١٩٥١ ، ص ١ ، ٨ ؛ ومتبوع بكتاب ح. مؤنس ، فتح العرب للمغرب ، م. س ، ص ٧٩ ـ ١٠٩.