اللّاذعة لعبد العزيز فيما يخص الغنائم. وقد تفانى الوالي الجديد موسى ليبرهن على طاعته لسيّده ببعث رسائل الانتصار إلى جانب الغنائم والسبي (١).
هكذا أحبطت محاولة الولاية للتحليق بأجنحتها مع حسّان وذلك لتصلّب إرادة عبد العزيز بن مروان الذي ساهم لوقت طويل في إعطاء دفع جديد لصلات تبعية إفريقية لمصر. في هذا الصدد نلاحظ مباشرة أن الإبقاء على هذا الخضوع ـ الذي تضاعف خطره بوضع الطعم الضخم والانفتاح على منّ الغنائم السهلة ـ يعود أساسا لشخصية عبد العزيز ، ذلك أن حضوره في الجناح الغربي من الإمبراطورية كان يخلق سلطة فعلية مضاعفة. وعبد العزيز كان قد نصّبه أبوه مروان بالذات ليكون واليا على مصر ، كما رشّحه بنفسه ليكون وريثا للخلافة بعد عبد الملك (٢). لذلك لم يلبث أن دبّ العداء بسرعة بين الأخوين واحتدّ في نهاية حكمهما. لقد حاول عبد الملك الحصول من أخيه عبد العزيز على تنازل على العرش بمحض إرادته ، لكن بدون جدوى. فقد كان عبد الملك ينوي حرمانه من حقه في تولي الخلافة ، بل ربما كان يعتزم تنحيته من ولايته (٣) قبل أن يموت في جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين للهجرة (٤).
ماذا يمكن أن تكون انعكاسات مثل هذا الصراع على شؤون إفريقية؟ من المؤكد أن عبد الملك كان يحاول صرف نظر أخيه على
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ص ٥ ـ ٢٧٤ ؛ ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٤٠ ـ ٤١ ؛ ابن الأثير ، الكامل ، القاهرة ، ١٩٥٧ ، ج ٦ ، ص ٣ ـ ١١٢.
(٢) الطبري ، التاريخ ، م. س ، ج ٥ ، ص ٦١٠ ؛ ابن سعد ، الطبقات ، بيروت ، ج ٥ ، ص ٢٣٦.
(٣) الكندي ، ولاة ، م. س ، ص ٧٥ ؛ الطبري ، م. س ، ج ٤ ، ص ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ ابن سعد ، الطبقات ، م. س ، ج ٥ ، ص ٢٣٣ ؛ الجهشياري ، كتاب الوزراء والكتّاب ، القاهرة ، ١٩٣٨ ، ص ٣٤.
(٤) الكندي ، م. س ، ص ٧٦ ؛ الطبري ، م. س ، ص ٤١٣ ـ ٤١٦.