لحقيقة عرقية اندثرت منذ زمن طويل. كذلك الشأن بالنسبة لعبارات" بروقنصولية"Proconsulaire و" البيزاسان"Byzacene التي انصهرت في بعضها في الوقت الراهن. فالبيزاسان العربي ليس مجرد سباسب ، لكن على عكس ذلك كان مقر العاصمة ومركز إشعاع السلطة الإسلامية. وقد تجزّأ البيزاسان إلى مناطق منها الساحل وقمودة وقستيليا وغيرها ، بمعنى أنها تجزأت حسب الاعتبارات الجديدة. فإذا فقد المغرب الأوسط (١) بنفس الطريقة تسمياته القديمة دون أن يحصل على بديل لها فهو على عكس ذلك لم يبرهن طيلة الفتح سوى عن سيولة كما هو في منطقة محرمة. في كلمة ، فما لا يتيسّر دحضه هو أن الفضل في بعث المحاور الحيوية في البلاد من قبل العرب يعود فحسب لتجربتهم الذاتية. وبقدر ليس أقلّ ممّا تقدّم أثّر ذلك على تنظيم الجهات وهو ما سنراه عند تحليل إدارة المقاطعة. لذلك ننكبّ هنا على بعض الملاحظات حول اتساع مختلف أراضي الولاية من وجهة نظر الجغرافيا التاريخية.
عند ما بعث الإمبراطور موريس (٥٨٢ ـ ٦٠٢ م) خطة حاكم إفريقية نتج عن ذلك تجميع فضاءات لا تعبّر في الحقيقة سوى عن القبول بالتراجعات البيزنطية أو عن عجزها عن ردّ الغزو العربي. بلا شك هناك دائما الرقم التقليدي غير الثابت أي ستة أو سبعة أقاليم ، غير أنها كانت تشكل في جزء منها تبعيّة خارجة عن إفريقية (سردينيا ، كورسيكا ، الباليار ، مدن إسبانية) (٢). فعلا ، لم يعد البيزنطيون يسيطرون من إقليم طنجة سوى على سبتيم Septem ، وفي المقاطعة القيصرية اكتفوا بمنطقة شرشل Cherchell وبعض النقاط الساحلية ، إلى حدّ أن الأراضي البيزنطية قطعت بلاد الشّلف أشلاء وضمّت نوميديا والبروقنصولية
__________________
(١) تقسيم المغرب إلى أدنى (إفريقية) وأوسط وأقصى هو بلا شك ظاهرة متأخرة.
(٢) انظر قائمة جورج القبرصي التي قام بتحليلها ش. ديل ، إفريقية البيزنطية ، طبعة نيويورك ، ج ٢ ، ص ٤٦٧ وما تبعها.