والبيزاسان وامتدت على الشريط الساحلي الطرابلسي إلى حدّ لبدة.
فهل يتعيّن أن نلاحظ في هذا السياق أن جورج القبرصي كان متأكدا من ضمّ البلاد الطرابلسية والبنتابول من حاكم مصر (١)؟ علاوة على ذلك هل من الضروري أن نلاحظ أن جورج القبرصي كان مطمئنا على تبعية منطقة طرابلس والبنتابول لأبرشة مصر (٢) ، وهو على الأقل ما يتناقض من الوهلة الأولى مع الإخباريين العرب ، كما يتباين مع منطق الأحداث (٣)؟
كانت النواة الأصلية لولاية إفريقية تتألف من البيزاسان (الساحل) ، والبلاد الطرابلسية والبنتابول بحجم يتجاوز الأراضي البيزنطية القديمة من الشرق والجنوب (٤) ، دون أن يبلغه من الشمال. وبالفعل ، فشل العرب مع عقبة وأبي المهاجر في اختراق نوميديا وما بعدها ، فمن جهة لم يقوموا بشيء سوى محاولة غير مجدية ولا مؤكدة على قرطاج البروقنصولية ، ومن جهة أخرى فإن العملة والأخبار كانت شكلية حول مسألة تبعية بلاد طرابلس لإفريقية ودوام هذه الوضعية طيلة فترتنا المعنية بالدرس (٥). فيما
__________________
(١) كريستيان كوزتوا ، «من روما إلى الإسلام» ، المجلة الإفريقيةRevue africaine ، ١٩٤٢ ، ص ٣٧.
(٢) ديل ، م. س ، ص ٤٦٧.
(٣) على سبيل البيان يقول ابن عبد الحكم : «كان ملكهم (البيزنطيين) يسمى جرجير ومملكته (تمتدّ) من طرابلس إلى طنجة» ، فتوح ، م. س ، ص ٨٤. هذه الفقرة لا أساس لها من الصحة ، سوى ما يهم مقاطعة طرابلس التي انجرّ عن احتلالها من طرف العرب مناوشات مع فيالق الجيش البيزنطي. هناك خلط في السيادة والاستقلال بعد انتفاضة جرجير أو عند عودة حاكم الكنيسة البيزنطي بعد الفتح العربي لمصر.
(٤) حسب الروايات المصرية كان العرب قد تحولوا إلى فزّان والساحل الليبي وأخضعوا بربر الواحات للرقّ : ابن عبد الحكم ، م. س ، ص ٢٦٣. غير أن روبير برانشفيك أحاط هذه القضية بأكثر الشكوك هولا : «وثيقة عربية من القرن التاسع تهمّ فزّان» ، المجلة الإفريقيةRevue africaine ، ١٩٤٥ ، من ص ٢١ إلى ص ٢٥.
(٥) ووكر ، الفهرس العربي ـ البيزنطي .. ، م. س ، ص ٦٠. واللوحات ١٠ ـ ١١. قام بإعادة صنع الفلوس الطرابلسية بأمر من موسى بن نصير بين ٨٠ و ٨٥ هجري ؛ ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٧١ ـ ٧٣ ـ ٧٧ ـ ٧٨ ـ ٧٩ ـ ٨٧.