يخصّ البنتابول ، نعلم أن حسّان بن النعمان عيّن على خراج برقة إبراهيم ابن النصراني (١) ، لكن نجح عبد العزيز بن مروان في إدماجه مباشرة في مصر وعيّن على رأسه عاملا وهو المولى العتيق تاليد ، ممّا أدّى إلى قطيعة مع حسان (٢).
وبقطعها عن البنتابول في حوالي ٨٣ ه ، عرفت الولاية في ذلك الوقت اتساعا مهما بداية من ٨٦ / ٧٠٥ بفضل موسى بن نصير الذي ارتقى في ذلك التاريخ إلى خطّة والي مستقل عن مصر. وباتساع تلو الآخر مع يسر مذهل في الانتشار ، تضخّم فضاء الولاية ليتّسع من البروقنصولية إلى نوميديا فالمغرب الأوسط والأقصى ، وفي ٩٤ ه التحقت كامل إسبانيا بالولاية القيروانية. في ذلك الوقت تأسست" الولاية الكبرى" لإفريقية التي تجاوز حجمها الممتدّ من جبال البيريني إلى تخوم البلاد الطرابلسية ، كلّ ما استحوذ عليه من قبلهم الرومان ومن باب أولى وأحرى البيزنطيون ، الذين لم يضمنوا أبدا كمّا ولا كيفا ، ما بلغته بصفة خاصة الرقابة العربية التي انفردت بفاعلية حقيقية في كلّ هذه الربوع ، مع الأخذ على الأقل بعين الاعتبار ما له علاقة بإمكانات العصر. وهكذا أيضا تجاوز المفهوم القانوني العبارة الجغرافية. غير أن هذا البناء الضخم لم يدم أكثر من ثلث قرن بتمامه : من ٩٤ إلى ١٢٢ ه بالتحديد ، وهو تاريخ اندلاع أكبر ثورة للخوارج التي ستؤدّي إلى قيام إمارات مستقلة.
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٧٢ ؛ برانشفيك ، «ابن عبد الحكم وغزو إفريقية الشمالية من قبل العرب» ، حوليات معهد الدراسات الشرقية بالجزائرAnnales de l\'Institut Oriental d\'Alger ، ج ٦ ، ١٩٤٢ ـ ٤٧ ، ص ١١٩ ؛ هوبكنز ، المؤسسات الإسلامية بالمغرب في العصر الوسيط ، لندن ١٩٥٨ ، ص ٣٢.
(٢) ابن عبد الحكم ، م. س ، ص ٤ ـ ٢٧٣ ؛ ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ١٩ ـ ١١٨ ، ينقل رواية حول حملة ضد إفريقية الأغلبية قادها العباس بن أحمد بن طولون حيث ظهر واضحا أن برقة كانت تابعة في ذلك الوقت (٢٦٧ ه) لمصر ، على عكس بلاد طرابلس التابعة على الدوام للقيروان. انظر كذلك ابن عساكر ، التاريخ ، م. س ، ص ٤٧ ـ ١٤٦ ؛ والمقريزي ، خطط ، طبعة بيروت ، ج ١ ، ص ٢٢٧ ، ويعتبر أن برقة جزء لا يتجزأ منذ زمن بعيد من مصر.