المؤسسات في حدّ ذاتها
في هذا الباب ، هناك مجال لدراسة التنظيم العسكري والإداري والقانوني. ولكن بما أن الوالي ـ العامل هو الذي يشرف على كامل جهاز المؤسسات ويمثل سيادة الدولة ، فهو إذا عامل موحّد بين فروع التنظيم الثلاثة التي سنوليها في البداية اهتمامنا.
الوالي أو الأمير
في الجملة ليس هناك شيء محلّي خصوصي لإفريقية ، فوالي القيروان هو تقريبا مطابق في صلاحياته وفي مهامه لوالي المدينة أو الكوفة.
من وجهة النظر التمثيلية ، كان يحيّي بلقب" أمير" ـ وهو في الأصل قائد الجيش ـ فإذا توجه إليه موظفوه بقولهم «أصلح الله الأمير» ، فإن لقبه يبقى ضعيفا جدا ويظهر بوجه شاحب أمام نوّاب المقاطعة ورجال الدين. إن تسمية وظائفه الرسمية تستحق بعض التدقيق : فعبارات والي وأمير متعاوضة (١) مع ثنائية في التمييز البروتوكولي والعسكري للقب أمير (٢). واستعمل البلاذري عبارة عامل وهو يتحدّث عن حاكم القيروان ، وهو نفس التعبير الذي استعمله ابن عبد الحكم ، لكن في هذا الصدد هناك غموضا في اللغة (٣). وبما أن اللفظ يتضمن معنى عون السلطة العمومية ، فالأكيد أنها تنطبق على الوالي ، أو بشكل أدق على
__________________
(١) ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٤٨ ، ٤٩ ، وغيرها : «سمي إسماعيل بن أبي المهاجر ، فبدا أحسن أمير وأحسن وال».
قارن كذلك بالطبري ، التاريخ ، م. س ، ج ٦ ، ص ٤٨٥ : «وصل عثمان بن حيّان المرّي إلى المدينة كوال من قبل الوليد بن عبد الملك» ثم : «يدّعي محمد بن عمرو أن عثمان وصل المدينة كأمير».
(٢) على قطع العملة لفظ أمير هو المتداول بانتظام : والكر ، الفهرس ، م. س ، ص ٤١ و ٦٠.
(٣) هو في الواقع استعمال نادر ، انظر : فتوح البلدان ، م. س. ، ص ٢٣٣ : «عند ما بلغ يزيد بن الوليد الخلافة لم يبعث إلى (إفريقية) أميرا».