مساعدي الحكّام في المقاطعات (١).
يتنقّل الأمير في موكب ويقف الحضور عند دخوله في مكان ما. حول هذه النقطة الأخيرة نستحضر طرفتين تسترعيان الانتباه (٢) لأنهما وردتا هنا في الظاهر لتوضيح حديث نبوي يدين الوقوف إجلالا لأهل الجاه. وصياغة الطرفة والحديث على تلك الصورة ليسا أقلّ دلالة عن هذا التقليد إذ يمثلان معارضة أوساط علماء الدين. هناك نقطة أخرى ذات دلالة : يستقبل الوالي الوافدين عليه جالسا على" سرير" (٣) ، تماما مثل الخليفة بالذات ، وعند ما يريد أن يشرّف أحدا ، فيجلسه بجانبه. نجد نفس الشيء في مصر وذلك لأن الروابط مع إفريقية قديمة ، كما نجد هذا التقليد بصفة متأخرة مع الأغالبة ، غير أن الأمير العبّاسي كان يحظى بخدمة حاجب (٤). وتوفّر المصادر إشارات سريعة تحيطنا علما بأن الأمير كان محاطا بالحرس الشخصي أو حرس الشرف (٥) ، الذي ينافس في ذات الوقت الشرطة ، والحرس هو المسؤول على أمن الأمير في القصر وخارجه.
يتصدّر هذا التعالي الرسمي" قصر الإمارة" وهو سكنى الحاكم الملاصق للمسجد الجامع من الجهة الجنوبية الشرقية وهو ما يمكّنه من الدخول مباشرة للصلاة دون المرور بالخارج.
__________________
(١) ابن عبد الحكم ، م. س ، فتوح ، ص ص ٢٩١ ـ ٢٩٣ وغيرها ؛ البيان ، م. س ، ص ص ٧٩ ـ ٨٧ ـ ٨٨ وما بعدها ؛ عبد العزيز الدوري ، مادة" عامل" دائرة المعارف الإسلامية ، الطبعة الثانية ، ليدن.
(٢) أبو العرب ، طبقات علماء إفريقية ، نشر بن شنب ، الجزائر ١٩١٤ ، وتونس ١٩٦٨ ، ص ٤٦ ؛ النوباهي المالقي ، تاريخ قضاة الأندلس نشره ليفي بروقنسال ، القاهرة ، ١٩٤٨ ، ص ٢٥ ، نفس المشهد حيث أن الأدوار تسند مرّة إلى رابح بن يزيد وإلى شخصية كبيرة من محيط الوالي العباسي ، ومرة إلى ابن غانم وإبراهيم بن الأغلب ، والحديث هو ذاته في الطرفتين ويمكن أنه تمّ اختلاق هذه الروايات في فترة الولاة العباسيين في حين أن إكساء الروايات الصبغة الطريفة حصل في فترة لاحقة.
(٣) البيان ، م. س ، ص ٥٣.
(٤) الكندي ، ولاة ، م. س ، ص ٦٧ ، يخبرنا عن وجود حاجب لدى حكّام مصر مسلمة وعبد العزيز بن مروان ؛ ابن الرقيق ، القسم ٢٦ ، يؤكد الخبر.
(٥) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٨٨ ـ ٢٨٩.