يتمتّع الوالي في علاقته بالسلطة المركزية بقدر أقلّ من الحرية خلال الفترة الأموية منه في الفترة العباسية. فقد كبح فعلا الخلفاء في دمشق قوة كانت عاتية إلى حدّ كان من العسير معها مراقبتها بتعديد الإقالات (١) أو النقل وتسليط نظام المحاسبة.
لقد تعرّض كثير من الولاة بهذا الشكل للتعذيب من طرف الذين خلفوهم. هؤلاء الذين لا يتردّدون هنا في إفريقية كما هو في المشرق في استخدام أساليب التعذيب من أجل استرجاع الأموال. فعند ما استدعى سليمان بن عبد الملك موسى بن نصير إلى الشرق اتهمه باختلاس ٠٠٠ ، ٣٠٠ دينار وأمر بتعذيبه إلى أن مات مهانا (٢). كذلك كان نفس المصير لمحمد بن يزيد (٩٧ ـ ٩٩ ه) الذي أمر يزيد بن أبي مسلم بتعذيبه فانهار وتمّ سجنه في ظروف رهيبة (٣). ويختلط مع عمليات استعادة النفوذ الحقد الشخصي ، فتلحق الأذى بالمقربين للوالي القديم بمن فيهم مواليه وعمّاله في الجهات وفي الجباية. لقد تعرض النّصيريون للتنكيل والتقتيل فكان عبيد بن عبد الرحمان السّلمي (١٠٩ ـ ١١٤ ه) ، يقبض على أعوان بشر بن صفوان فيكيل لهم التّهم ويعذّبهم (٤).
في الجملة ، إذا كان اتساع هامش سلطة الوالي (٥) يسمح له بتجميع الثروة وتعيين رجاله في المناصب العليا ، ومراقبة ولايته بشكل أفضل ،
__________________
الخطّاب كقائد في القيروان ، كما أن عبد الرحمان بن رستم «بعث بالعمّال إلى مدن إفريقية ومقاطعاتها». الشمّاخي ، السيرة ، م. س ، ص ١٣٠.
(١) بين ٩٧ و ١٢٣ ه ، في فترة ٣٢ سنة كان هناك ثمانية ولاة أي بمعدل أربع سنوات من السلطة لكلّ منهم.
(٢) البيان ، م. س ، ص ٤٦.
(٣) ابن عبد الحكم ، فتوح مصر ، م. س ، ص ٢٨٨.
(٤) البيان ، ص ٥٠ ؛ انظر أيضا ابن الرقيق ، المتوفر أخيرا ، م. س ، الورقة ١٩.
(٥) تؤكد لنا دراسة ابن الرقيق في تحليلنا لدور الوالي ، فينقل لنا رواية شاهد عيان ، الورقة ١٩ : «رأيت ذات يوم عبد الله بن الحبحاب يفحص دفتر العلف ، ويملي رسالة ، يعطي فيها الأمر في مكان آخر لإنصاف رجلين في خلاف». هذه لوحة يقدمها الوالي في تعدّد أوجه نشاطه كرئيس مباشر للإدارة والعدالة.