فإن الوضعية في العهد الأموي على الأقل ليست مثالا لعودة مهولة للأشياء.
التنظيم العسكري
نجمّع تحت هذا العنوان ثلاث مشاكل أساسية : الهياكل العرقية للجيش وتطوّرها عبر الزمن ، ثم التنظيم الداخلي لهذا الجيش ، وأخيرا تثبيته على أرض المغرب وتوزيعه في ربوعها.
تستجيب تركيبة أقسام الجيش في العصر الأموي للمبادئ التالية :
يعتبر كل عربي مستقر على أرض مفتوحة جنديا ، إلى حدّ أنه يمكن تحديد حجم الجيش بأعداد المهاجرين العرب إلى إفريقية (١). وبما أن جلّ العرب قدموا دون نيّة العودة وكانوا قد أسّسوا بيوتا في وطنهم الجديد الذي تبنّاهم ، فنحن إزاء جيش استيطاني.
فعند ما استعاد حسّان بن النعمان عمليات الفتح ، لم يكن قد بقي عربي واحد من الحملات السابقة. ومن المحتمل أن يكون من بين الأربعين ألف مقاتل الذين صاحبوه من مصر (٢) ، عدد هام من المقاتلة قد تمّ انتدابهم من بين جموع الروّاد الذين شاركوا في الحملات السابقة.
نحن نعلم أنه رغم الحلقة الأليمة في مواجهة الكاهنة ، كانت حملة حسّان هي النّاجعة. فقد أقرّت أغلب الجند ، إلى حدّ أن فحص مصادر الطبقات أبرز قسما لا يستهان به من العائدين إلى مصر والمشرق (٣). ومن الممكن أن يكون موسى بن نصير قد جلب معه بعض فيالق الجيش لكن لم يكن هناك منطقيا أي موجب ليقوم بذلك ، بما أنه تمّ اجتثاث كل مقاومة
__________________
(١) حول الجيش العربي بصورة عامة ، انظر كلود كاهان ، دائرة المعارف الإسلامية ، ط ٢ ، مادة" الجيش".
(٢) مؤنس ، فتح العرب ، م. س ، ص ٢٣٧.
(٣) أبو العرب ، طبقات ، م. س ، ص ٣٥ ـ ٣٦ ؛ المالكي ، رياض ، م. س ، ص ٨٤ ـ ٨٥. هي حالات قليلة لكنّها ذات دلالات جزئية والتي عموما تعبّر عن مجموع العرب في إفريقية.