جدية. فقد جلبت حادثة كلثوم بن عياض فيلقا من الشاميين يعدّ ٠٠٠ ، ١٢ رجل بقيادة بلج بن بشر القشيري (١) ، إضافة إلى عدد من المصريين يقارب ألفين أو ثلاثة آلاف رجل ، وذلك فيما أعدّه من حاجيات لمقاومة الخوارج بالمغرب. وبعد الهزيمة الشنيعة في وادي سبو (١٢٣ ه) هربت مقدمة الجيش من الشاميين لإسبانيا في حين عاد المصريون والأفارقة لإفريقية (٢).
ويبقى صحيحا ، رغم أننا لا نمتلك سوى إشارة واحدة ضبابية ومبالغ فيها في ذات الوقت أوردها ابن القوطية (٣) ، أن قسما من الجند الشاميين تراجع كذلك إلى إفريقية ، واستقرّ بها ، واندمج في تركيبة جيوش إفريقية. وضمن هذا الجلب الخارجي ، من البديهي أن يكون الجزء الآخر هم من بقايا جيش حسّان ، لكن من الواضح أنه شهد تناقصا فيما بعد بسبب الهجرة إلى الأندلس. وعلى عكس ذلك وبسبب نسبة الإنجاب المرتفعة عند العرب المرتبطة بوضعهم كشعب منتصر ، فيمكن أن نتكهّن أنه قد حصل ارتفاع داخلي في عدد الرجال القادرين على الخدمة العسكرية.
عرف العصر العبّاسي ارتفاعا معتبرا ومتواترا لعدد الجيش في نفس الوقت مع تحوّلات في الهياكل العرقية. ففي ١٤٤ ه وصلت الفيالق الشامية ـ الخراسانية لابن الأشعث : ٤٠٠٠٠ رجل حسب قول الإخباريين ، وفي ١٥٥ ه (٤) كان دور الشاميين ـ العراقيين ـ الخراسانيين لينفذوا إلى إفريقية مع يزيد بن حاتم (٥) ، (من ٥٠ إلى ٠٠٠ ، ٦٠ رجل). هذا الفيض من العناصر الشرقية المختلطة يخضع في
__________________
(١) البيان ، م. س ، ص ٢٩٦.
(٢) البيان ، ص ٥٥ ؛ وابن عبد الحكم ، فتوح مصر ، ص ٢٩٦.
(٣) تاريخ افتتاح الأندلس ، بيروت ، ١٩٥٧ ، ص ٤١ ، يقول إن ٠٠٠ ، ١٠ رجل تحوّلوا مع بلج إلى إسبانيا و ٠٠٠ ، ١٠ آخرين عادوا إلى إفريقية حيث مكثوا.
(٤) الكندي ، ولاة ، ص ١٣١ ؛ والبيان ، ص ٧٢.
(٥) ابن الأثير ، الكامل ، ج ٥ ، ص ٣٣.