الحقيقة لسيطرة عددية خراسانية ، فهم ، بمعنى الفرس ، كانوا الدرع العسكري للنظام ، لكن كان هناك كذلك عرب من المستقرين بخراسان ، وبصفة خاصة من تميم (١). فمن الوهلة الأولى لا نرى فحسب تسرّب العنصر الشرقي غير العربي والذي سيلعب دورا سياسيا كبيرا في الجيش وفي الحياة العامة في إفريقية ، لكن سيختلّ كذلك التوازن القبلي. فلم يبق شيء من الهيمنة اليمنية ، وسوف تعوّض التميمية المجموعة المرادية الممثلة في قوّة كنفيديرالية للتميميين (٢). هناك أيضا ظاهرة خطيرة ، فسوف نعاين حرفية في الجيش مطبوعة أكثر فأكثر بطابع التشرذم ، وهي مجرد إعادة لنقلة حصلت في الشرق لكنها لن تعرف هنا في إفريقية سوى نتائج وخيمة ، ذلك أن سوء الانضباط العسكري سيتفاقم في إفريقية بسبب بعد الولاية وكذلك لبعض العوامل الأخرى. من هذه العوامل يجب بدون شكّ اعتبار النقص الظاهر في الوحدة واللّحمة بين الطبقات العسكرية المتعاقبة بحكم عامل الزمن ويعود كذلك لظروف سياسية عامة (تحوّل مفاجئ للسلطة ، عداء الأفارقة للعباسيين) وكان عبد الرحمان بن حبيب هو الذي غرس هذا العداء ، وكذلك يعود لقرارات خاطئة اتّخذها الأمراء وخاصة يزيد بن حاتم. هذا وإنّ الجيش القديم الإفريقي ـ الأموي الذي استطاع أن ينصهر بشكل نافع قد وقع تجميده وإقراره في مكانه. بالتالي ، فإن الفكرة التي تحصل عند قراءة الوثائق هو شدّة البغض بين جيش ابن الأشعث وجيش يزيد بن حاتم.
وملازمة لهياكل الأصول العرقية للجيش ، لكن من وجهة أخرى ،
__________________
(١) اليعقوبي ، كتاب البلدان ، طبعة النجف ١٩٥٧ ، ص ١٠٣ ؛ انظر ترجمة ج. فيات ، القاهرة ١٩٣٧ ، ص ٣٤ ـ ٢١٣. يقدم لنا في هذا الكتاب معطيات هامة تعود للربع الأخير من القرن التاسع بعد الميلاد ـ حوالى ٢٦٣ / ٨٧٦ حسب جورج مارسي ، «المغرب في القرن التاسع ، من خلال اليعقوبي» ، المجلة الإفريقية ، ١٩٤١ ، Revue africaine ، ص ٤٠. غير أن هذه المعطيات يمكن أن تكون صالحة في القرن الثامن ، ذلك فإنه عند ما يحدّثنا عن التميميين المقيمين في بلّيزما وفي قلاع أخرى في منطقة الزاب ، والتي تبدو عديدة ، فبديهي أنه يتحدّث عن الجند المنحدرين من عهد السلالة العباسية.
(٢) فندرهيدن Vonderheyden ، م. س ، ص ٧.