السند :
قال الزمخشري : سَندُ الجبل والوادي هو مرتفع من الأرض في قُبُله ، والجمع أسناد . . . ومن المجاز : حديث قويّ السند ، والأسانيد قوائم الحديث (١) .
والأسانيد جمع أسناد ـ بفتح الهمزة ـ الذي هو جمع سند ، والتعبير بالقوائم بلحاظ أنّ الحديث ـ والمراد هنا متنه فقط ـ إنّما يقوم على ما يسبقه من الرواة الناقلين له ، و أنّ بها تتميّز صحة المتون وعدم صحتها ، وبها تعرف قيمة الحديث ، ومن ذلك يتّضح أنّ المعنى اللغوي المذكور لا يناسب أن يكون ملحوظاً في تسمية طريق المتن بـ « السند » بلحاظ أنّ الطريق هو أوّل ما يواجهه الإنسان من الحديث ، فإنّ هذا المعنى لم يلحظ فيه جهة القيام به والإعتماد عليه ، ومع هذا فإنّ السيوطی قد احتمله (٢) .
وقال الفيومي : السند ما استندت إليه من حائطٍ أو غيره (٣) .
وقال ابن منظور : من المجاز سيّد سند ، وهو سندي أي معتمدي (٤) .
والمناسبة بين هذا المعنى ، والمعنى المصطلح ، هي أنّ الحديث يستند إلى طريقه ويعتمد عليه ، فهو إنّما يكتسب القوّة والضعف منه ، تبعاً لأحوال رواته ، أو لخصوصيّات الطريق من الإتصال والإنقطاع (٥) .
وأما السند اصطلاحاً :
فهو طريق المتن (٦) ، أو : مجموع سلسلة رواته حتّى ينتهي إلى المعصوم (٧) ، ولا يختصّ اسم السند بالطريق المذكور فيه جميع رواته ، فلو حُذف الطريق كلّه ، فإنّما يكون سنده محذوفاً ، لا أنّه مرسل لا سند له ، وكذا لو حذف بعضه فإنّ إطلاق الاسم يشمل المذكورين والمحذوفين ، وهذا أمر مسلم عند أهل الخبرة .
فمن الغريب ما ذكره المحقّق الكلباسي من أنّه « لا يحضره إطلاق السند على المحذوفين ، وإن وقع إطلاق الطريق على المذكورين » (٨) .
هذا ، مع أنّ التفريق بين كلمتي السند والطريق ، بعيد عن التحقيق ، و خاصة عند تعريف السند بأنّه طريق المتن .
* * *