مهوّشة ، على حين أن المعلومات التى يأتى بها البكرىّ صحيحة مفصّلة ، وواضحة ناصعة.
ويزيد فى قيمة هذا الكتاب مقدمته التى بيّن فيها المؤلف حدود بلاد العرب ، وأقسامها الجغرافية : تهامة والحجاز ونجدا واليمن ، كما تحدّث فيها عن القبائل العربية ، التى استقرت فى هذه الأقسام ، وأرخ تنقلاتها ووقائعها وأيامها».
أما المستشرق فردنند وستنفلد (١٨٠٨ ـ ١٨٩٩) صاحب الفضل على المكتبة العربية ، بما نشر من نفائسها وذخائرها ، مثل معجم البلدان لياقوت ، والسّيرة لابن هشام ، والاشتقاق لابن دريد ، وكثير غيرها من أمهات الكتب ، فقد انتفع بتقدير العلّامة دوزى للكتاب ، وأقبل عليه يدرسه ، ويستجلى محاسنه ، وأدهشته مقدمته ، فترجمها كلها إلى الألمانية ، وأنشأ على أساسها بحثا مهما فى أماكن القبائل العربية وتنقلاتها (وقد طبع كبحث مستخرج من المجلد الرابع عشر لأعمال الجمعية الملكية للعلوم سنة ١٨٦٩).
ثم اتجهت عنايته إلى نشر المعجم ، فراح يجمع له الوثائق ، ويقابل نسخته التى كتبها بالنسخ المفرقة فى مكتبات ليدن ، وكمبردج ، ولندن ، وميلان. واستخلص بالاعتماد على هذه النسخ الأربع صورة كتبها بخطه ، وأذاعها بمطبعة الحجر.Lithographe ، فى مجلدين كبيرين من القدر المتوسط ، بلغ مجموع صفحاتهما مع المقدمة والفهرس أكثر من ٩٠٠ صفحة ، صدر المجلد الأول منهما سنة ١٨٧٦ ، والثانى سنة ١٨٧٧ بجوتنجن من ألمانيا.
وقد بذل وستنفلد قصارى جهد العالم الضّليع ، فى الضبط والتحرّى ومقابلة النسخ ، والاستيثاق من الأصول. وأضاف إلى الكتاب فهرسة شاملة للمواضع التى وردت قصدا فى أماكنها ، وعرضا فى غير أماكنها مرتبة على حروف الهجاء بطريقة أهل المشرق ، بلغت سبعا وخمسين صفحة ، ومقدمتين للجزأين فى اثنتى عشرة صفحة ، وسلخ فى كل ذلك زمنا طويلا ، بل عمرا مديدا.
لكن النسخ التى اعتمد عليها العلامة وستنفلد ، كما وصفها فى مقدمة الجزء الأول ليست مستوية فى درجة الصحة ، ولا فى استيعاب المادّة وقلما خلت من اضطراب ، كأكثر النسخ الموجودة فى العالم من هذا الكتاب.
ولذلك وقع فى مطبوعته شىء كثير من التصحيف والتحريف ، والزيادة والنقص ، يعذر الناشر فى أكثره ، لأنه مطابق لما بيده من النسخ الأربع. ولعله إنما نشره بمطبعة