قال المحدّث البحراني قدسسره في المقدّمة الثانية عشرة من الحدائق : ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقوع هذا الاعتساف إلّا من زمن صاحب الفوائد المدنيّة سامحه الله تعالىٰ برحمته المرضيّة ، فإنّه قد جرّد لسان التشنيع علىٰ الأصحاب ، وأسهب في ذلك أيّ إسهاب ، وأكثر من التعصّبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب (١) .
وقد تأثّرت بأفكاره من بعده جماعة من أجلّة علمائنا المحدّثين ، من قبيل : المحدّث الفيض الكاشاني والمحدّث الحرّ العاملي قدسسرهما ، فصنّف الفيض كتابه « الاُصول الأصلية » والذي هو كالتلخيص للفوائد المدنيّة ، وإن خالفها في بعض المواضيع .
وفي تلك الفترة ـ أي القرن الحادي عشر حتىٰ أواسط القرن الثاني عشر ـ نشأت في مدرسة الإماميّة حركة نشيطة همّها جمع الأحاديث أو شرحها ، وهي حركة مباركة أمدّت العلوم الإسلاميّة بشتىٰ أشکالها ، فاُلّفت موسوعات حديثيّة من قبيل : وسائل الشيعة وبحار الأنوار والوافي ، وشروح وتعليقات علىٰ كتب الحديث ، مثل : روضة المتّقين ، مرآة العقول ، ملاذ الأخيار .
وقد أصاب الفقه الاجتهادي في ذلك العصر شيءٌ من الفتور ، ولكن ذلك لم يقف حائلاً أمام ديمومة حركته ، فقد صُنّفت في تلك الفترة ـ وعلىٰ مبنىٰ الاجتهاد ـ مؤلّفات . .
منها : كشف اللثام في شرح قواعد العلّامة ، لمحمّد بن الحسن الأصبهاني المعروف بالفاضل الهندي ( ١١٣٥ هـ ) الذي يعتمد عليه في الجواهر علىٰ حدّ كبير ، وحكي أنّه لا يكتب شيئاً من الجواهر لو لم يحضره
__________________
(١) الحدائق الناظرة ١ : ١٧٠ .