أيضاً فيه ـ أي في عمل كتاب يشتمل علىٰ مسائل الفروع ـ قلّة رغبة هذه الطائفة فيه ، وترك عنايتهم به ؛ لأنّهم ألفوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ ، حتىٰ أنّ مسألة لو غيّر لفظها وعبّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها (١) .
وأشار إليهم المحقّق في أوّل المعتبر ، وعبّر عنهم بالحشويّة (٢) .
وعن نهاية الاُصول للعلّامة قدسسره في مقام إثبات حجّية خبر الواحد : أمّا الإماميّة ، فالأخباريون منهم لم يعوّلوا في اُصول الدين وفروعه إلّا علىٰ أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام ، والاُصوليون منهم ـ كأبي جعفر الطوسي وغيره ـ وافقوا علىٰ خبر الواحد ، ولم ينكره سوىٰ المرتضىٰ وأتباعه (٣) .
ثم إنّ الاتّجاه الأخباري وإن كان موجوداً بين الإمامية منذ عصر قديم ، ولكن الفكرة السائدة بينهم هي فكرة الاجتهاد والاُصول ، التي كانت متمثّلة في كتب المفيد والمرتضىٰ والطوسي والحلّي والمحقّق والعلّامة والشهيد الأوّل والكركي والشهيد الثاني والأردبيلي وتلميذيه صاحبي المدارك والمعالم وغيرهم ، ومع اختلافهم في الآراء الاُصوليّة وطريقة الاستنباط ، لكنهم متّفقون علىٰ شجب فكرة الأخباريّة .
وفي أوائل القرن الحادي عشر تحوّلت الفكرة الأخبارية إلىٰ حركة في ساحة التدوين والتأليف ووضع أُسسها الميرزا محمد أمين الاسترآبادي قدسسره ( ١٠٣٢ هـ ) فألّف لهذه الغاية كتابه « الفوائد المدنيّة » .
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢ .
(٢) المعتبر : ٢٩ .
(٣) حكاه عنه في كشف القناع : ٢٠٣ .