النبأ ، قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ » [ الآية ٦ من سورة الحجرات ٤٩ ] .
قال : سبب نزول هذه الآية ، هو أنّ النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم بعث الوليد بن عقبة ، وهو أخو عثمان لاُمّه ، إلى بني المصطلق والياً ومصّدّقاً ، فالتقوه ، فظنّهم مقاتلين فرجع الى النبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم ، وقال : « إنّهم امتنعوا ومنعوا » فهمّ الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم بالإيقاع بهم ، فنزلت هذه الآية ، واُخبر الرسول صلّی الله عليه وآله وسلّم أنّهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك .
قال الرازي : وهذا جيّد ، إن قالوا بأنّ الآية نزلت في ذلك الوقت ، وأمّا إن قالوا بأنّها نزلت لذلك مقتصراً عليه ومتعدّياً الى غيره فلا ، بل نقول : هو نزل عامّاً لبيان التثبّت وترك الإعتماد على قول الفاسق .
ثم قال : ويدلّ على ضعف قول من يقول : انّها نزلت لكذا ، أنّ الله تعالى لم يقل : « إنّي أنزلتُها لكذا » ، والنبيّ صلّی الله عليه وآله وسلّم لم ينقل منه أنّه بيّن أنّ الآية نزلت لبيان ذلك فحسب .
وقال أخيراً : فغاية ما في الباب أنّها نزلت في مثل ذلك الوقت ، وهو مثل التاريخ لنزول الآية ، ونحن نصدّق ذلك (٣٠) .
ويردّ عليه :
أنّ الظاهر منه أنّه بحصر سبب النزول في أن يقول الله : « أنزلت الآية لكذا » أو يصرّح الرسول بنزولها كذلك ، وكذلك يبدو منه أنّه يعتبر في كون الشيء سبباً للنزول أن يكون مدلول الآية خاصّاً به لا عموم فيه .
وكلا هذين الأمرين غير تامّين :
أمّا الأوّل ، فلأنّ كون أمر ما سبباً لمجيء الوحي ونزوله هو بمعنى أنّ الله أوحى إلى نبيّه من أجل ذلك ، فلا حاجة إلى تصريح الله بأنّه أنزل الآية لكذا .
وأيضاً فإنّا لم نجد ولا مورداً واحداً ، كان تعيين سبب النزول على أساس تصريح الباري بقوله : أنزلتُ الآية لكذا .
أفهل ينكر الفخر الرازي وجود أسباب النزول مطلقاً ؟
____________________________
٣٠ ـ التفسير الكبير