وأورد عليه المحقّق الطهراني بقوله : وأطرف شيء استدلاله على ضعف قول من يقول « إنّها نزلت في كذا » أنّ الله تعالى لم يقل : « إنّي أنزلتها لكذا » والنبيّ صلّى الله عليه وآله لم ينقل عنه أنّه بيّن ذلك .
فإنّ فهم هذا المعنى لا ينحصر في ما ذكره ، بل مجرّد نزول الآية عند الواقعة مع انطباقها عليها يكفي في استفادة هذا المعنى (٣١) .
وأمّا الثاني : فلأنّ عموم الآية لغير الواقعة ، لا ينافي كون تلك الواقعة هي السبب لنزولها ، فإنّ المراد بسبب النزول ليس هو المورد الخاصّ المنفرد الذي لا يتكرر ، بل قد يكون كذلك ، وقد يكون هو أوّل الموارد الكثيرة باعتبار عموم موضوع الآية .
بل ـ كما ذكر المحقّق الطهراني ـ : إنّ الوقائع في زمان نزول الآية كثيرة ، مع أنّ ذكر المقارنات لنزول الآيات لا معنى له ، بل نزول الآية في الواقعة لا معنى له ، إلّا أنّها المعنيّة بها ، ولو على وجه العموم (٣٢) .
والمتحصّل من البحث : أنّ الطرق المثبتة لنزول الآيات تنحصر في أخبار و روايات الصحابة الذين شاهدوا الوحي وعاصروا نزوله ، وعاشوا الوقائع والحوادث و ظروفها ، والتابعين الآخذين منهم ، والعلماء المتخصّصين الخبراء ، وسيأتي البحث عن مدى اعتبار هذه الروايات في الفقرة التالية من البحث .
٣ ـ حجيّة رواياتها
إنّ الباحث عن أسباب النزول يلاحظ بوضوح اتّسام رواياتها بالضعف أو عدم القوّة ، عند العلماء حسب ما تقرره قواعد علم الرجال ، بل يجد صعوبة في العثور على ما يخلو سنده من مناقشة رجاليّة في روايات الباب ، وكذا تكون النتيجة الحاصلة من الجهد المبذول حول أسباب النزول معرضاً للشكّ من قبل علماء مصطلح الحديث باعتبار أنّ رواياتها غير معتمدة حسب اُصول هذا العلم أيضاً .
ونحن نستعرض هنا ما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الإعتراض على روايات
____________________________
٣١ ـ محجّة العلماء ( ص ٢٥٨ ) .
٣٢ ـ المصدر والموضع .