الجبل اللبنانيّ بمساعي ذلك القيصر. واستنتاجا من وجود كتابات منقوشة على صخور في المنطقة خطّ فيها مرارا إسم أدريانوس (١١٧ ـ ١٣٨ م.) يعتبر باحثون أن القيصر أدريانوس قد زار مدينة جبيل ومعابد الزهرة في أفقا قبل أن تهدمه الزلازل وتبالغ في تدميره بحيث لم يبق منه سوى أركانه الضخمة.
وقد جاء في بعض المدوّنات أنّ أباطرة الرومان ، على عزّهم ، كانوا يحجّون إلى هذا المعبد ويخصّونه بعطفهم ويحرّمون قطع ما يحيط به من غابات ، فبالإضافة إلى الأمبراطور أدريانوس حجّ إلى الهيكل ماركس كراسوس وهو في طريقه من حرب" البرسيين والأشكان" ، وعلى عظمته ورفعة شأنه أغرته ثروة الهيكل فسلبها وحملها إلى روما بعدما قضى أيّاما يشرف على وزنها.
أمّا مراسم العبادة التي كانت تجري في ذلك الهيكل فقد انبثقت من العقيدة القائلة بالإبقاء على الحياة وديمومة النسل ، ما جعل النظرة إلى العلاقات الجنسية في الحياة نظرة خاصة ، كان من نتائجها ظهور البغاء المقدّس ، الذي يقرن بتأليه الخصب وعبادته. ورجّح باحثون أنّ غياب الرجال في فينيقيا بسبب أسفارهم البحريّة الطويلة كان دافعا لترسيخ هذه العبادة. أمّا ما اكتنف الهيكل من أساطير ، فمنها أنّه في يوم معيّن واستجابة لدعاء ، تنزل النار كالشهب من أعالي لبنان وتغور في النهر المجاور ، وقد سمّوا هذا النار" أورانيا" وهو إسم خلعوه على فينوس. ومنها أيضا ، أنّه بالقرب من الهيكل بحيرة تتأجج من حولها النيران ، أمّا ماؤها فذو خاصيّة مدهشة وهي أنّ الهدايا والنذور التي تتقبّلها الآلهة حتى أخفّها كالحرير ، تغرق فيه ، أمّا الهدايا التي ترفضها ، حتى أثقلها كالذهب والفضة ، فتطفو على وجه الماء.