المدينة طوال الحقبة المملوكيّة المنتهية في العام ١٥١٦ مع نهاية المماليك على أيدي العثمانيّين ، شبه خالية من السكّان إلّا من بعض الأسر التركمانيّة التي أسكنت فيها لمنع النّاس من العودة إليها ولحراستها من هجمات الفرنجة.
تاريخها الحديث
عادت الحياة إلى البترون إثر تقويض حكم المماليك بسحقهم في معركة مرج دابق على يد السلطان سليم العثماني سنة ١٥١٦. وقد دخلت البترون خلال الحقبة العثمانيّة في معاملة طرابلس ، وكانت قاعدة مقاطعة البترون الممتدّة من نهر الجوز شمالا إلى المدفون جنوبا ، ومن البحر غربا إلى جرود تنّورين شرقا. وطالما وقع التنازع بين إمارة الجبل ووالي طرابلس على حكم البترون وبلادها في تلك الحقبة ، وقد طالتها النزاعات القيسيّة اليمنيّة وغيرها من النزاعات السلطويّة كتلك التي وقعت بين الحاديّين وآل الشاعر ، غير أنّ كلّ ذلك لم يمنع من تدفّق العائلات إلى البترون من المناطق المجاورة كجبال البترون وجبيل وبشرّي. فنشأ في البترون مجتمع تألّف من عائلات بأكثريّتها مارونيّة ، يليها الروم الأرثذوكس ، وقلّة من السنّة والشيعة ، وقد أوردنا أسماء هذه العائلات مع انتماءاتها الدينيّة أدناه.
مع تدفّق العائلات على البترون بقصد العمل والإشتاء ، نشأت في المدينة سوق أخذت تتطوّر مع السنين حتّى أصبحت مركزا يجمع إلى الحوانيت التجاريّة لبيع البضائع والسمانة واللحوم ، أعمال الحدادة ، وصناعة النحاس ، والسمكرة ، والخياطة ، وتصليح عربات الخيل ... ؛ تلك السوق التي لا تزال قائمة على حالها إلى اليوم ، هي كناية عن زواريب ضيقة ، على جانبيها مبان من طبقتين أو ثلاث ، مبنيّة بالحجر الرملي ، تزيّنها القناطر المثلثة وشرفات