القصور مهرة البنّائين اللّبنانيّين ، وعمّال مهرة في صقل الرخام وفي صنع الفسيفساء من دمشق وحلب ، ودام العمل في بنائها أربعين سنة. وإنّ جميع الحكّام الأجانب الذين تعاقبوا على حكم لبنان من عمر باشا النمساوي إلى آخر المتصرّفين التسعة ، قد اتّخذوا من قصر بيت الدين الشهابي مقرّا لهم. وفي إحدى حدائق هذا القصر الأثريّ الضخم ، وهو أهمّ أثر من حقبة تاريخ لبنان الحديث ، قبر زوجة الأمير الستّ شمس ، الذي نقلت إليه الحكومة اللّبنانيّة رفات الأمير بشير سنة ١٩٤٧. وفي ما يلي تعريف بقصور الأمير بشير في بيت الدين.
قصر بيت الدين
حرص الأمير بشير على جعل قصره في بيت الدين أفخم بناء عرفته البلاد ، فاستقدم البنّائين البارعين من الآستانة ودمشق وحلب والشوير ، وضمّهم إلى مهندسين من الأجانب الإيطاليّين وعهد إليهم بأن يشيّدوا له بلاطا من الطرز الشرقيّ الرفيع. فاختار المهندسون تلّتين واسعتين مرتفعتين تطلّان على الوادي الفاصل بين دير القمر وبيت الدين ، وسوّوا أرضهما على شكل مربّع ضلعه ٢٥٠ مترا ، وشرعوا ببناء القصر سنة ١٨٠٨. وروى السائح بورخردBURKHARDT الذي زار الأمير بشير سنة ١٨١٢ بأنّه كان أخذ منذ عهد قريب ببناء قصره ، وانتهى البناء بعد سبع سنوات على ما أفاد السائحان الإنكليزيّان ليت (LIGHT) ورختر (RICHTER) سنة ١٨١٤ عند قرب نجازه.
بني هذا القصر على الطرز التركي الممتزج بالطرز الإيطالي ، وهو غاية في الحسن ، على جوانبه أربعة" جواسق" بديعة ، ومدخله غاية في الفخامة ويبلغ ارتفاعه نحو ١٥ مترا ، مبنيّ بالرخام الوطنيّ والأجنبي الفاخر ،