الكلدانيّون
عندما انتهى عهد السيادة الأشوريّة على غربي آسيا بعد ظهور الكلدانيّين في العراق القديمة ، وبعد معارك وحروب بقيادة نابو فلاصر (٦٢٥ ـ ٦٠٥ ق. م) الذي خرّب عاصمة الأشوريّين عام ٦١٢ ق. م. قام من بعده إبنه نبوخذنصّر ، وريث عرش أبيه وقيادته ، بغزو الشاطئ الفينيقيّ ، فحاصر الكلدانيّون صور البحريّة ثلاث عشرة سنة (٥٨٥ ـ ٥٧٢ ق. م.) ما لا مثيل له في تاريخ الحروب. ورغم هذا الحصار الطويل فإن الكلدانيّين لم يتمكنّوا من فتح صور البحريّة التي عرضت عليهم إستسلاما جزئيّا قبلوه ورفعوا عنها الحصار. وقد ترك الكلدانيّون أيضا سجلّا بهذه الأعمال العسكريّة بشكل نقشين كتبا على صخرتين عند مصبّ نهر الكلب. أمّا النقش فهو نسخة طبق الأصل لنقش خلّفه لنا نبوخذ نصّر على صخرة في وادي بريسا قرب ربلة حيث يظهر الفاتح في النصب الأول واقفا أمام الأرز وفي الثاني يصدّ أسدا يهاجمه ، ويقول :
" ثقة منّي بقوّة الإلهين نابو ومردوخ نظّمت حملة عسكريّة ضدّ لبنان. وقد جلبت المسرّة والبهجة إلى تلك البلاد بطردي كلّ عدوّ والقضاء عليه في طول البلاد وعرضها. وقد اجتزت أودية عميقة ، وفتحت لجيشي مسالك في الصخر ، وحيث اعترضني الصخر كنت أفتّته. وهكذا أنشأت طريقا مستقيما ممهّدا لنقل خشب الأرز. وقد وفّرت لأهل لبنان الطمأنينة والسلام ، وأزلت عنهم كلّ ما من شأنه أن يعكّر عليهم صفو الحياة ، ولكي يعتبر كلّ طامح طامع في أرضهم فلا تحدّثه نفسه بالإعتداء عليهم ، فإنّي قد أقمت نصبا عليه تمثالي شاهدا أنّني الملك على هذه المنطقة الذي لا زوال لملكه".
وزال ملك نبوخذ نصّر ، وبقي نقشه ونهر الكلب ولبنان.