ارتفاعه عن ثمانية عشر مترا. وهو نصب يقوم على قاعدة من ثلاث درجات من الرخام الأسود ، تستند عليها طبقة مربّعة طول الجانب منها تسعة أمتار يحيط بأعلاها إفريز مزخرف ، وفوقها طبقة ثانية متقلّصة عنها بعض الشيء إلى الداخل ، يعلوها حرم شيّد بحجارة أصغر من حجارة الطبقتين الأوّليّين. وعلى الجانب الشرقيّ رسوم تمثّل كلابا تهاجم حيوانا أكبر منها وبعض أدوات الصيد ، أمّا على الجانب الغربيّ فثلاثة حيوانات من الصعب تحديد نوعها ، وعلى أعلى الناحية الجنوبيّة رسم يمثّل كلبا يمسك بحيوان رأسه مخضّم ، وعلى الجانب الشماليّ رسم وعلين : الأوّل واقف بينما الآخر مضطّجع. هذه الرسوم لم تعد واضحة تماما بسبب العوامل الطبيعيّة من جهة ، وبسبب تهدّم جزء من القاموع في الحرب العالميّة الأولى من جهة ثانية. لكنّ الفرنسيّين أعادوا ترميمه إنّما بحجارة مختلفة. أمّا تاريخ بناء هذا النصب فلم يحدّد بدقّة ، إذ جاء في بعض المراجع أنّه يعود إلى العهود الفينيقيّة نظرا للرسوم المنقوشة عليه والتي اشتهرت بها الآثارات الفينيقيّة ، وقيل إنّ الغاية كانت جعله منارة للقوافل التجاريّة القادمة والذاهبة من وإلى الساحل الفينيقيّ والتي تسلك الطريق البريّ باتّجاه وادي العاصي ـ حمص ـ حماه ـ آسيا الصغرى أو باتّجاه وادي العاصي ـ البادية نحو بلاد ما بين النهرين. وهناك تفسير آخر يقول بأنّ القاموع إنّما هو قبر لأحد أبناء الفراعنة المصريّين الذي توفّي أثناء الحملة المصريّة على فينيقيا حوالي العام ١٢٩٦ ق. م. بقيادة رعمسيس الثاني الذي خاض معركة فادش قرب حمص ، وذلك بالنظر للشبه بينه وبين الأنصاب المصريّة. أمّا المراجع الأخرى فتقول بأنّ القاموع بني في العهد الفارسيّ بعد توسّع هذه الإمبراطوريّة ، حيث عمد داريوس إلى ربط أجزائها بشبكة من المواصلات المتطوّرة لنقل البريد. فكان القاموع المنارة أو المحطّة للقوافل القادمة والذاهبة من الولاية الخامسة