هو هذا الفعل ؛ يحكم بحسن طلبه كذلك ، وإذا اطّلع على طلبه من حيث الامتحان ، فيحكم بحسن طلبه من حيث الامتحان وهكذا.
وأمّا العكس ، أعني كلّ ما حكم به العقل فقد حكم به الشّرع ، فيتصوّر له تقريران :
أحدهما : أنّ ما حكم العقل بحسنه وقبحه بعنوان لزوم الفعل وعدم الرضا بالترك أو بالعكس أو غيرهما من الأحكام ، فيحكم الشّرع به ، بمعنى أنّ العقل دلّ على أنّه مطلوب الشّارع ومراده ونحن مكلّفون بفعله ، أو مبغوضه ومكروهة ونحن مكلّفون بتركه ، ويثيبنا على الأوّل ويعاقبنا على الآخر.
وثانيهما : أنّ ما حكم العقل بأنّه مراد الله ومطلوبه وأراد منّا فعله أو تركه بعنوان الإلزام أو غيره فهو موافق لما صدر عن الله تعالى من الأحكام وهو مخزون عند أهله من المعصومين عليهمالسلام. وذلك مبنيّ على الاعتقاد بأنّ حكم كلّ شيء ورد عن الله تعالى على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبلغنا أكثرها وبقي بعضها مخزونا عند أهلها لأجل مصلحة يرونها ، فذلك الحكم العقليّ كاشف عن أنّ ما هو مخزون من الحكم عند أهله في شأن هذا الذي أدرك العقل حكمه هو ما حكم به العقل من الأحكام ، والأظهر هو التقرير الأوّل.
وبالجملة ، لا وجه لما مرّ من الإشكال في كون دليل العقل بهذا المعنى مثبتا للحكم الشرعي مع أنّه متّفق عليه عند أصحابنا. فإنّهم يصرّحون في الكتب الاصوليّة والفقهيّة أنّ من أدلّة أحكام الشّرع هو العقل ، ثم يذكرون في أقسام الأدلّة العقلية ما يستقلّ به العقل كقضاء الدّين وردّ الوديعة وترك الظّلم.
وينادي بذلك قولهم في الكتب الكلاميّة بوجوب اللّطف على الله ، وتفسيرهم اللّطف بما يقرّب الطاعة ويبعد عن المعصية ، وجعلوا من اللّطف إرسال الرّسل