الشرعي بالعقل ويثبت الحكم بالثواب والعقاب.
وما قيل في دفعه : من أنّ المراد ببعث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو بعثه بالبيان التفصيلي ، لا مثل هذا البيان الذي يبيّن العقل تفصيله ، ويظهر بيانه من حكم العقل فهو بعيد جدا. ألا ترى أنّا نثبت كثيرا من أحكام الله تعالى بالإجماع ، مع أنّك لا تقول ؛ بأنّ هذا ليس بتبليغ تفصيليّ ، فإنّ اتّفاق الفقهاء كاشف عن رأي المعصوم عليهالسلام وحكمه المعلوم إجمالا قبل العلم بالإجماع تفصيلا ؛ وليس بكاشف عن قوله التفصيليّ ، وحال استخراج العقل للحكم حال استخراج اتفاق العلماء له.
فالتّحقيق في الجواب (١) عن الآية أنّها من قبيل قوله : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(٢) ، و : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(٣) ، ولا تكليف إلّا بعد البيان ، ونحو ذلك. ولمّا كان أغلب التكاليف الشرعية مما لا يستقلّ به العقل ، فاكتفى في الآية بذكر الرسول ، فالمراد حقيقة والله يعلم : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ)(٤) حتّى تتمّ الحجّة ، ولا ريب أنّ مع إدراك العقل الحجّة تمام. أو نقول : إنّ الرسول أعمّ من الرسول الباطن (٥) كما ورد : «أنّ لله تعالى حجّتين حجّة في الباطن وهو العقل وحجّة في الظاهر وهو الرسول» (٦) مع أنّ الآية ظاهرة.
__________________
(١) في رفع الاعتراض الثاني عند ذكره ، واعترض عليه أيضا. هذا وصاحب «الفصول» أيضا ص ٣٤٢ تعرّض لكلا الاعتراضين ، وكذا الكلام عن البيان التّفصيلي الذي ذكره.
(٢) الانفال : ص ٤٢.
(٣) الطلاق : ٧.
(٤) الإسراء : ١٥.
(٥) وهذا الدّليل وما سبقه في الجواب غير مستقيم عند صاحب «الفصول» عن ٣٤٣ راجع اجابته.
(٦) وهي كما في «الكافي» كتاب العقل والجهل الحديث ١٢ عن أبي عبد الله الأشعري ـ