وفيه ألف كلام ، فلا يعارض بها الدليل القاطع من حكم العقل فيما يستقلّ.
ولو نوقش في إدراك العقل بالاستقلال فإنّما هو كلام في الصغرى وكلامنا إنّما هو على فرضه ، والمفروض انّا ندّعي استقلاله في بعض الأمور وكلّ مجتهد مكلّف بمقتضى فهمه ، فإذا جزم بشيء فهو المتّبع ، وإذا ظهر بعد ذلك خطأه فهو معذور كما هو معذور في خطأ ظنونه ، بل استقلاله في بعض الامور بديهيّ لا يقبل التشكيك ، ومنعه مكابرة ،
ولقد أغرب بعضهم حيث سلّم ذلك في المعارف والعقائد لما دلّ عليه إطلاقات الأخبار الدالّة على تعذيب عبدة الأوثان ، فإنّها تشمل حال الفترة أيضا بخلاف الأعمال ، وهو مع أنّه معارض بالإطلاقات الدالّة على العذاب واللّعنة على الظّلم والكذب وغيرهما. فيه أنّ مآل التعذيب على عبادة الأوثان مثلا يرجع إلى التعذيب على الأعمال ، فإنّ الاعتقادات ليست باختيارية ، بل المقدور منها هو النظر الذي هو من مقدّماتها والتخلية واندراج النّظر بمجرّد أنّ في تركه مظنّة الضّرر ، ودفع الضّرر المظنون واجب عقلا في الواجبات الشرعية ، وتسليم العقاب على تركه ليس بأوضح من اندراج الظلم في المحرّمات الشرعية ، وردّ الوديعة والدّين في واجباتها فهذا تحكّم بارد ، بل ترجيح المرجوح.
__________________
ـ عن بعض أصحابنا رفعه الى هشام بن الحكم قال : قال لي ابو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : يا هشام إنّ الله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة وحجّة باطنة فأما الظّاهرة فالرّسل والأنبياء والائمة عليهمالسلام وأمّا الباطنة فالعقول.
وفيه أيضا الحديث ٢٢ عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن علي بن ابراهيم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال : حجّة الله على العباد النبي ، والحجّة فيما بين العباد وبين الله العقل.