الإمام عليهالسلام فلا يريد به بيان الاصطلاح وأنّه لا يجوز إطلاق الحرام الشّرعي عليه في الاصطلاح ، بل وظيفته بيان الحكم.
وحاصله ، أنّ ذلك ليس بحرام شرعي ، فإذا لم يكن حراما فهو مباح فيرجع إلى المعنى الثاني.
فإن قلت : المراد من المعنى الأوّل بيان أنّ الحكم الظّاهرىّ للمكلّف هو الإباحة نظرا إلى أصل البراءة حتى يصل النهي ، لا أنّ حكمه الإباحة في نفس الأمر.
والمراد من المعنى الثاني بيان أنّ حكم ما لم يصل حكمه هو الإباحة لنفس الأمرية مطلقا.
قلت : لا يصحّ حمل المعنى الثاني على الإباحة الواقعيّة ، لأنّه لا يصحّ حينئذ جعله مغيّا بغاية ، ويدفعه كلمة «حتى» ، وإن اريد أنّ المكلّف لا بدّ له أن يبني على هذا حتّى يظهر له خلافه ، فهذا يرجع إلى بيان الحكم الظّاهرىّ فيرجع إلى الأوّل وليس معنى آخر.
فالتّحقيق : أنّ المعتبر في الدّلالة هو الظّاهر لا التأويل ، وقوله عليهالسلام : مطلق ، مساوق لقوله : مباح. ولمّا كان العقل يحكم بقبح إباحة القبيح فما تدركه (١). عقولنا بأنّه قبيح لا يجوز أن يبيحه الشّارع ويرخّص فيه كما بيّنا سابقا ، ومنع إدراك العقل لعلّة القبح قد عرفت فساده ، وانّ كلامنا على فرض إدراكه ، فتخصّص الحديث (٢) بما تدركه العقول أو تعمّم النّهي.
__________________
(١) مبتدأ والخبر ولا يجوز الآتي.
(٢) لا يقال : إنّ تخصيص العموم وتعميم النّهي كلاهما خلاف الظّاهر ، وقد ذكروه آنفا انّ المعتبر في الدّلالة هو الظاهر لا التأويل ، لأنّه نقول إنّ حمل اللفظ على خلاف ظاهره ـ