مختصّ به وإن أدرك حسنه من دليل عامّ يجري في الكلّ.
مثال الثاني : ما تقدّم وهو قوله : شمّ الورد منفعة مأذون فيها.
ومثال الأوّل : أن يقال : شمّ الورد فيه المنفعة الفلانيّة ، مثل تطريف الدّماغ ، وكلّ ما هو كذلك فهو حسن.
وفيه : أنّ هذا القياس في المباح لا يثمر إلّا مع انضمام كونه مأذونا فيه ، وبعد ضمّ كونه مأذونا فيه ، لا فرق بين النفع الخاصّ والنفع العامّ.
وإن أراد من النفع الخاصّ هو ما يوجد في غير المباح ، مثل أن يقال : في ردّ الوديعة جهة حسن خاصّ وهو حفظ العرض مثلا ، وكلّ ما هو كذلك فهو حسن ، بخلاف شمّ الورد لأنّه يقال فيه : إنّ شمّ الورد موجب لمنفعة مأذون فيها ، وكلّ ما هو كذلك فهو حسن ، فهو مع أنّه غير ملائم للسياق من ذكر النفع ، وتعميمه وتخصيصه لا يجدي طائلا ، لأنّه لا معنى لجعل أحدهما موضع النزاع دون الآخر مع صحة القياس وإنتاجه (١).
وربما يدفع أصل الإشكال : بأنّه لا منافاة بين عدم حكم العقل على شيء مع قطع النظر عن كونه مجهولا بين حكمه عليه مع ملاحظة وصف الجهالة. يعني أنّ حكم العقل بحسن شمّ الورد وأكل الفاكهة إنّما هو مع ملاحظة أنّهما مجهولا الحكم.
وأمّا مع قطع النظر عن كونهما مجهولي الحكم ، فلا حكم للعقل فيهما.
__________________
(١) فإنّ القياس كما هو صحيح ومنتج في ردّ الوديعة بالنّفع الخاص فكذلك في شمّ الورد بالنّفع العام المأذون فيه فإنّه صحيح ومنتج أيضا ، إذا فلا معنى لجعل شمّ الورد محلا للنزاع عند من يقولون بالتّحسين والتّقبيح العقليين دون ردّ الوديعة ، هذا مقصوده من قياسه ونتاجه على ما يبدو.