الشّارع ، فيقال : حكم الشّارع في المتنازع هو نفي الحرمة مثلا في الواقع أو في ظنّنا ، إذ غاية الأمر حينئذ عدم ثبوت حكم الشّارع بالحرمة مثلا ، أمّا نفيه ، فلا.
نعم ، يمكن إثبات الحكم من جهة القاعدة المذكورة (١) ، والأصل فيها لزوم تكليف ما لا يطاق ، وهو ممّا يصحّ أن يجعل مناطا للحكم الشرعيّ كما مرّ في البحث الأوّل.
وتوافق مقتضى هذه القاعدة من نفي التّحريم أو الوجوب مثلا لنفس البراءة لا يقتضي أن يكون ذلك ناشئا من البراءة ، بل إنّما هو من باب التّوافق الاتّفاقي.
وربّما قيل : إنّ عند التّحقيق حال استصحاب النّفي ، بل الإثبات أيضا في موضع طرأت فيه حالة لم يعلم شمول الحكم الأوّل لها أيضا إنّهما ليسا أمارة على شيء ، ولا يثبت بهما حكم ، بل يحصل منهما اعتقاد لزوم العمل على طبقهما ، إلّا أنّ حكم الشّارع الواقعي هو عدم رفع ما يثبت بهما.
أقول : وفيه نظر ، إذ غاية الأمر أنّ الاستصحاب لا يدلّ على عدم الحكم من الشّارع بخلافه ، لكنّه يعلم منه حكمه ببقاء ما كان ، وهذا أيضا حكم منه في الآن الثّاني ثبت إمّا من جهة الظنّ الحاصل بالبقاء من الكون الأوّل ، أو من جهة الأخبار الصّحيحة ، مع أنّ مقتضى تلك (٢) الأخبار (٣) نفي الغير أيضا ، فلاحظها.
__________________
(١) وهي مذهب المشهور في تحديد الموقف العملي الذي هو عبارة عن مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فإنّ التكليف بما أنّه لم يتمّ بيانه من المولى فإنّه يقبح المعاقبة على مخالفته فحق الطاعة للمولى يختص بالتكاليف المعلومة ولا يشمل المشكوكة.
(٢) في نسخة الأصل (ذلك).
(٣) كخبر زرارة المعروف في هذا الباب ، بل وغيره من الأخبار التي تمسّكوا بها في كتب ـ