للعقل فيها بالأمر والنّهي. أو نقول أنّ الرسول أعمّ من الظّاهر والباطن ، وعدم التّعذيب كناية عن أنّه ليس هناك إيجاب وتحريم حتّى يبعث رسولا ، وإلّا فيلزم انفكاك اللّازم عن الملزوم ، والأخبار عن العفو عن المؤاخذة عن جميع المحرّمات وترك الواجبات الى زمان يستلزم القاء الإيجاب والتحريم (١).
والعجب من بعض الأعاظم (٢) حيث جمع في كلامه بين الاستدلال بالآية لأصل البراءة ، ودفع الإشكال الوارد من جهة الآية على الأحكام العقليّة الإلزاميّة بجواز العفو عن الله تعالى.
ثمّ إنّ نفي الإيجاب والتحريم من الشّارع ، يستلزم الرّخصة في الفعل والترك ، واحتمال ذلك للأحكام الثلاثة الباقية لا يضرّ ، إذ المراد من أصل البراءة نفي أحد الحكمين ، سواء استلزم المقام بعد ذلك ثبوت الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة بالمعنى الأخصّ. فإنّ المراد أنّ الأصل براءة الذّمّة عن الوجوب والحرمة قبل وصول ما يدلّ عليهما إلينا ، سواء وصل مطلق الرّجحان أو المرجوحيّة أم لا.
وقوله تعالى : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(٣). والتّقريب فيه يظهر ممّا تقدّم.
__________________
(١) ونقل في «الفصول» ٣٥٣.
(٢) يظهر لي أن بعض الأعاظم المعين به الوحيد كما يبدو من رسالته «أصالة البراءة» ص ٣٨٠ من «الرّسائل الأصولية» وحيث قال : كان قد صرّح به أفضل المحقّقين وأكمل المدقّقين جمال الملّة والدّين في تعليقته على «المختصر» للحاجبي. فقال : نحن معاشر الشيعة قائلون بجواز العفو منه تعالى.
(٣) الأنفال : ٤٨.