وكذلك قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(١). وأمثالها من الآيات الدالّة على عدم المؤاخذة إلّا بعد البيان.
وأمّا السنّة ، فمثل ما رواه الصدوق رحمهالله في «الفقيه» (٢) في باب جواز القنوت بالفارسيّة عن الصادق عليه الصلاة والسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي».
ورواه الشيخ رحمهالله أيضا (٣) ، وفي روايته : أمر أو نهي.
ودلالته ظاهرة ، فإنّ المراد : كلّ شيء مطلق عنانه ، مقيّد بزجر من الشّارع بحيث لا يمكن تناوله ، فيجوز تعاطي فعله وتركه حتى يثبت منع وزجر بسبب قيد الشّارع وحبسه بنهيه عنه.
والمراد من النّهي في حديث الصّدوق أعمّ ممّا تضمّنه الواجب من النّهي عن الترك. وحمل الرّواية على استصحاب إطلاق الحكم الوارد من الشّرع حتّى يثبت التقييد ، أو على ما لا يحتمل التحريم ، فإنّه وفاقي أو على ما يعمّ به البلوى لحصول الظنّ فيه كما مرّ ، أو نحو ذلك من المحامل البعيدة ، تأويلات بعيدة لا داعي الى ارتكابها ، لضعف معارضاته كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
وما رواه الصدوق في «التوحيد» (٤) في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه الصلاة والسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ،
__________________
(١) الطلاق : ٧.
(٢) ١ / ٣١٧ الحديث ٩٣٧.
(٣) «تهذيب الأحكام» ٢ / ٣٢٦ الحديث ١٣٣٧.
(٤) ص ٣٥٣ ، و «الخصال» : ٤١٧ الحديث ٩ ، «الوسائل» ٧ / ٢٩٣ الحديث ٩٣٨ ، و ٨ / ٢٤٨ الحديث ١٠٥٥٩.