من العقليّ فيشمل مثل التنفّس في الهواء الذي هو ممّا يضطرّ إليه الإنسان ، إذ المراد بالحلّ في الرّواية حينئذ هو الرّخصة ، لا حصول الإباحة بالمعنى الأخصّ ، وإلّا فيكون المقسّم هو غير الاضطراريّات لعدم انصراف الحلال شرعا إليها ، وقد ينسبان الى الأعيان توسّعا لكونها مشتملة على علّة الحكم المتعلّق بها وحكمته ، وفي الحقيقة ، المتّصف بهما هو الفعل المتعلّق بها.
ثمّ إنّ الفعل قد يتّصف بهما باعتبار المتعلّق كحلّ أكل الخبز وحرمة أكل الميتة ، وقد يتّصف بهما باعتبار الحال والوقت ، كالأكل على التّخمة ، وإن كان المتعلّق مباح الأكل بالذّات ، ووقت الاحتياج وإن كان حرام الأكل بالذّات ، فما علم فيه المتعلّق أو الحال والوقت وتعيّن كونه من أفراده ، فلا إشكال فيه ، وما جهل فيه المتعلّق أو الوقت ، فهو مورد هذه الرّواية وأمثالها. فاللّحم منه ما يحلّ أكله بالذّات وبالوصف وبالوقت والحال كأكل لحم الغنم المملوك الغير الجلّال ونحوه المذكّى في خلاء المعدة (١). ومنه ما يحرم بسبب خلاف أحد المذكورات ، كلحم الخنزير أو أكل الغنم المغصوب أو الجلّال أو غير المذكّى أو على التّخمة ، فإذا علم المذكورات فلا إشكال.
وأمّا لو جهل الحال ، فمقتضى الرّواية كونه حلالا حتى يعلم أنّه متّصف بواحد من جهات الحرمة ، فالشّاكّ في كونه على التّخمة أم لا مثلا ، يحلّ له الأكل ، وكذلك اللّحم المشترى من السّوق الذي لا يعلم أنّه مذكّى أو ميتة ، وهذا هو الشّبهة في الموضوع ، أعني ما يكون سبب اشتباه حكمه الشرعيّ الشّك في أنّه داخل تحت أيّ القسمين اللّذين علم حالهما بالدليل الشرعيّ ، فلو ارتفع الجهل وحصل العلم
__________________
(١) مقابل التّخمة.