بكونه أحدهما ، فلا يحتاج الى دليل شرعيّ آخر في معرفة الحكم.
وأمّا الشّبهة في نفس الحكم الشّرعيّ ، فهو أن يكون من جهة عدم الدليل أصلا
لا في هذا الشّيء ولا في شيء آخر يندرج هذا فيه كشرب التّتن مثلا ، أو من جهة تعارض الدّليلين.
وقد توجّه الرّواية (١) بحيث تشمل الشّبهة في نفس الحكم الشّرعيّ ليتمّ الاستدلال بها على أصالة البراءة فيما لا نصّ فيه ، ويقال : إنّ معنى الحديث أنّ كلّ فعل من جملة الأفعال التي تتّصف بالحلّ والحرمة (٢) ، وكذا كلّ عين ممّا يتعلّق به فعل المكلّف ويتّصف بالحلّ والحرمة ، إذا لم يعلم الحكم الخاصّ به من الحلّ أو الحرمة ، فهو لك حلال ، فخرج ما لا تتّصف بهما جميعا من الأفعال الاضطراريّة والأعيان التي لا يتعلّق بها فعل المكلّف ، وما علم أنّه حلال لا حرام فيه ، أو حرام لا حلال فيه ، وليس الغرض من ذكر هذا الوصف مجرّد الاحتراز ، بل هو مع بيان ما فيه الاشتباه.
فصار الحاصل ، أنّ ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما ؛ فهو حلال ، سواء علم حكم لكلّي فوقه أو تحته ، بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحقّقه في ضمنه ، علم حكمه أيضا أم لا.
وبعبارة أخرى : إنّ كلّ شيء فيه الحلال والحرام عندك ، بمعنى أنّك تقسّمه الى هذين وتحكم عليه بأحدهما لا على التعيين ، ولا تدري المعيّن منهما ، فهو لك حلال ، فيقال حينئذ : إنّ الرّواية صادقة على اللّحم المشترى من السّوق المحتمل
__________________
(١) وقد وجّه هذا التّوجيه السيد صدر الدين في شرحه «للوافية».
(٢) وستأتي الإشارة إليه في الأسطر القليلة الآتية في شرب التّتن.