وهذا غير جائز مع أنّه لا معنى لإخراج المذكورات ، لأنّ المراد بقوله : فهو لك حلال ، أنّ مجهوله حلال ، ولا يتصوّر الجهالة في المخرجات حتى يحتاج الى الإخراج ، مع أنّه لا معنى للإخراج حينئذ ، واعتبار المفهوم المخالف إلّا بتأويل السّالبة المنفيّة [المنتفية] الموضوع وهو غير مفيد.
فإن قلت : إنّ هذا يرد على ما ذكرت من اختصاصها بشبهة الموضوع أيضا.
قلت : (١) نعم ، ولكن نقول : فائدة القيد هنا التنبيه على أنّ القابليّة لهما واحتمال كلّ منهما في نظر المكلّف لا يوجب الحرمة ، ولمّا كانت الحرمة والحلّية في الموضوع ممّا ثبت في الجملة ، وأذهان المكلّفين متوجّهة إليها فيحتاج الى التنبيه ، لتبادر أذهانهم الى احتمال الحرمة ، بخلاف مجهول الحكم أصلا ، فالتقييد هنا ليس لأجل الاحتراز ولا لاعتبار [الاعتبار] مفهوم المخالف.
هذا مع أنّ ما ذكر في معنى الحديث يستلزم استعمالا آخر للّفظ في المعنيين ، إذ قوله عليهالسلام : «حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه». لا بدّ أن يكون المراد منه : حتّى تعرف من الأدلّة الشّرعية الحرمة ، إذا أريد معرفة الحكم المشتبه ، وحتّى تعرف من الخارج من البيّنة أو غيرها ، الحرمة ، إذا أريد معرفة الموضوع المشتبه ، فليتأمّل.
والحاصل ، أنّ الرّواية مع قطع النّظر عن كلّ ذلك أيضا ظاهرة فيما ذكرنا ، وهو المعنى المنساق منها الى الأذهان الخالية ، ويؤيّده ما روي عن الصادق عليه الصلاة والسلام : «كلّ شيء هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل
__________________
(١) راجع «الفصول» ص ٣٤٥ ، ففيه فائدة حول هذا الجواب.