فعلى هذا ، لو حصل الشّك في حرمة الميتة ، فنقول : إنّ الميتة ليس لها فردان حلال وحرام حتّى يقال : إنّه حلال حتّى تعرف الحرام بعينه ، وإن أمكن أن يقال : إنّ الميتة من حيث إنّه مأكول ، والمأكول منه حلال ومنه حرام ، فهو حلال حتّى تعرف أنّه حرام ، إذ المأكول ليس عنوانا للحكم الشرعيّ في مصطلحات الشّرع ومكالماته ، بل هو إمّا اللّحم أو المذكّى منه.
وكلامنا ليس على عنوان اللّحم كما هو العنوان في اللّحم المشترى من السّوق حتّى يقال : إنّ من اللّحم ما هو حلال وما هو حرام ، وكذا الكلام ليس في أكل الطيّب والخبيث حتى يقال : إنّه حلال حتّى تعرف أنّه من أيّهما ، وكذلك مثال لحم الحمير ، فإنّ لحم الدّوابّ ليس عنوانا للحكم حتى يجعل له فردان أو أفراد ، وكلامنا في معرفة لحم الحمير من حيث إنّه لحم الحمير ، وهكذا.
فالمتبادر من قوله عليهالسلام : «فهو لك حلال». يعني المصداق الأولى المعهود المتعارف من عنوان الكلّي الصادق عليه ، وأمثلته ممّا مثّله الصادق عليه الصلاة والسلام في الرّواية واضحة.
وممّا ذكرنا يظهر الكلام في التّتن والصّوت المشتبه بالغناء ، فإنّ الكلّيّ المتصوّر في التّتن إن جعل نفس المشروب المنقسم بالطيّب والخبيث ، فصدق الشّرب عليه أوّلا ممنوع ، وحرمة مطلق استعمال الخبيث ممنوع أيضا ، فلم يتردّد هذا الكلّيّ بين كلّيّين ، فيبقى اندراجه تحت الجهالة بنفس الحكم الشرعيّ ، ومقتضى الأدلّة السّابقة حلّة (١).
__________________
(١) وقد ذكر الشيخ الحرّ العاملي في الفائدة (٥١) من «الفوائد الطوسية» ص ٢٢٤ رسالة ـ