وأمّا الغناء ، فإنّه وإن أمكن إثبات عنوانين للصّوت ، هو الغناء وغير الغناء ، ولكنّ الأظهر فيه أيضا جهالة الحكم كما لا يخفى.
ثمّ ممّا ذكرنا ظهر لك أنّ الأصل في شبهة الموضوع أيضا أصالة البراءة ، والظّاهر أنّه لا خلاف فيه حتّى من الأخباريّين ، ووجهه ظاهر ممّا مرّ.
احتجّ القائلون بوجوب التوقّف أيضا : بالآيات والأخبار.
أمّا الآيات فمثل قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، و : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) ، وأمثالهما.
وأمّا الأخبار : فمثل ما رواه الكليني رحمهالله (٣) في الموثّق عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن موسى عليه الصلاة والسلام قال في جملتها : «وما لكم والقياس إنّما هلك من هلك من قبلكم بالقياس». ثمّ قال : «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به وإن جاءكم ما لا تعلمون فها» ، وأهوى بيده الى فيه.
وفي الحسن عن هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسلام : ما حقّ الله تعالى على خلقه؟ فقال : «أن يقولوا ما يعلمون ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا الى الله حقّه» (٤).
__________________
ـ رأى فيها أولويّة الاحتياط وهو يناقش من ذهب من علمائنا الى التحريم فيها من المناسب مراجعتها.
(١) الإسراء : ٢٦.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) «الكافي» ١ / ٥٧ الحديث ١٣.
(٤) «الكافي» : ١ / ٥٠ الحديث ١٢.