وفي الموثّق (١) عن ابن بكير عن حمزة بن الطيّار أنّه عرض على أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام بعض خطب أبيه عليهالسلام حتّى إذا بلغ موضعا منها ، قال له : «كفّ واسكت». ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : «لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه والتثبّت له والرّد الى أئمة الهدى عليهمالسلام حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرّفوكم فيه الحقّ ، قال الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)» (٢).
الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، وهذا أوضحها دلالة.
واستدلّوا أيضا : بحديث التثليث المشهور بين الخاصّة والعامّة ، قال الصادق عليه الصلاة والسلام فيما رواه في الكافي (٣) عن عمر بن حنظلة : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشّبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات فهلك من حيث لا يعلم».
وتقريب الاستدلال ، أنّ من الأشياء ما يجوز فعله لقيام دليل معتبر عليه ، ومنها لا يجوز فعله كذلك ، ومنها ما يحتمل الأمرين ، إمّا لعدم بلوغ دليله إلينا أو للاحتمال والدليل في الاشتباه ، فمن ترك الشّبهات ـ يعني جميعها ـ نجا من المحرّمات ـ أي ممّا هو حرام في الواقع ـ ومن أخذ بها ، أي بجميعها ، ارتكب المحرّمات لوجوده فيها جزما ، لإخبار المعصومين عليهمالسلام أو للعلم العادي بذلك ، والمراد مجاز المشارفة إن لم يحمل الشّبهات على العموم ، وبغيره من الأخبار
__________________
(١) «الكافي» ١ / ٥٠ الحديث ١.
(٢) النحل : ٤٣.
(٣) ١ / ٦٨ الحديث ١٠.