المواصفات المعيَّنة : باعتباره عاملاً مساعداً ومشجِّعاً على السكنى والإستقرار ولو وقتيّاً .
وذلك ، نظراً لأهميّته الخاصّة ، في سكن الإنسان ، وانتفاعه منه صحّيّاً ومعيشيّاً ؛ وبالخصوص ، في وسطٍ صحراويّ قاحل ، بساطُه الرمضاء ، وظلالُه الشمس المحرِقة ، ونسيمُه السَموم اللاهبة .
أجل ، تكونُ فيه مثلُ هذه الشجرة المِسواك ، الوارِفةِ الضِلال نسبِيّاً ؛ ما أعزَّهُ وأثمنه مِن مسكَنٍ يُقامُ فيه ، طلباً للراحة ، ومأكلاً للراحلة .
وهل يقوى البدويّ في صحرائه على الإقامة ، في غير الأراك ، وفي أرائك الأراك ؟ !
ـ ٤ ـ
وهكذا انتقلت عدوى الإقامة ؛ من فعل الأراك ، إلى شجر الأراك ، إلى كلّ أريكة يستريحُ إليها الإنسان ؛ كلٌّ حسبَ ظروفِه المادّية ، ومقوِّماته الحضاريّة ، وعاداتهِ البلديّة .
فأريكة الفقير غير أريكة متوسّط الحال ، وهي عند متوسّط الحال غيرها عند الثريّ .
ثمّ هي في الصحراء غيرها في الريف ، وفي الريف غيرها في المدينة ؛ بل ، هي المدن ذاتُها تتفاوت في أرائكها .
ناهيك عن دور الذوق ، وبُلَهنِية العيش ، ونفس ساكن الأريك في إقبال الدُنيا عليه . . . ، كلٌّ له مدخليّته في التنويع ، والتزويق ، والتجميل .
فأريكة المحبوب غير أريكة السلطان .
وأريكة التقي غير أريكة الشيطان .
وأريكة الجائع غير أريكة الشبعان .
وأريكة الأراك غير أريكة الأرضين « ما بين صنعاء إلى أيلَة وما بين عَدَن إلى الجابية » (٣٨) في تراث الأقدمين .
وأريكة الأرضين غير أريكة جنان الخالدين ؛ فتلك لَئِن كانت مصنوعة ـ ورُبَّما
____________________________
(٣٨) الجامع لأحكام القرآن : م ٥ حـ ١٠ ص ٣٩٨ .