انّ نفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار الآخر الذي ليس لسائر الصفات الإضافية ، فالعلم ليس من جهة تابعيته للأشياء عبارة عن نفس الأمر ، بل من جهة أنّ صور الأشياء حاصلة فيه عبارة عن نفس الأمر .
فذلكة البحث حول كلام القيصري :
إنّه لمّا قال : فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتي ، أورد عليه ان العلم تابع للمعلوم ، والمعلوم هو الذات الإلهية ، وكمالاتها ، لأنّه ليس في الوجود علم وعين سوى الذات الإلهية ، وشؤونها الذاتية ، التي هي كمالاتها ، فنفس الأمر هو المعلوم المتبوع ، لا العلم التابع له ، المطابق لما في نفس الأمر ، فأراد دفع ذلك الإيراد عن نفسه ، بقوله : قلت : الصفات الإضافية . . .
وحاصل الجواب انّ العلم من الصفات الإضافية ، أي ذوات الإضافة ، ولها اعتباران اعتبار أنفسها ، واعتبار إضافتها العارضة لها .
وبالاعتبار الأول عين الذات الإلهية ، لا تابعة لها ، بل هي متبوعة .
وبالاعتبار الثاني العلم وسائر الصفات الإضافية ، كالقدرة ، والإرادة تابعة لما تضاف إليه .
وللعلم اعتبار آخر ليس لسائر الصفات الإضافية : هو حصول صور الأشياء فيه التي عبّر عنه بالكمالات تارة باعتبار ، وبالشؤون الذاتية تارة وباعتبار ، وبالشؤون الإلهية والأسماء وصورها تارة وباعتبار ، ونفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار .
فالجواب ينشعب شعبتين : اُولاهما في بيان أنّ الصفات مطلقاً يعتبر فيها الاعتباران ، وثانيتهما في بيان أنّ العلم خاصة له اعتبار ، ليس لغيره من الصفات ، فهو بهذا الاعتبار عبارة عن نفس الأمر وهو عين الذات ، فتبصر !
ومنها قوله : وجعل بعض العارفين العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق . . .
والعقل الأول هو الإسم العليم في الحقيقة ، وهذا العارف جعل العقل الأول عبارة عن نفس الأمر لكون علمه مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فالملاك عن نفس الأمر هو العلم الذاتي الحاوي لصور الأشياء كلّها ، وهذا هو الأصل .
قوله : وكذلك النفس الكلّية المسمّاة باللوح المحفوظ ، أي
وهي أيضاً عبارة