عن نفس الأمر ؛ لكون علمها مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فالملاك أيضاً هو العلم الذاتي .
وهذا الكلام في نفس الأمر جار في عالم المثال أيضاً من أنّه عبارة عن نفس الأمر لكونه مطابقاً لما في علم الله تعالى ، فحصل أنّ نفس الأمر يعبّر به عن كل واحد منها بذلك الاعتبار .
تبصرة :
أنت بما حقّقنا في بيان الوجود الصمدي المساوق للحقّ دريت أن ما هو الأول والآخر والظاهر والباطن متحقّق مع جميع شؤونه النورية ، ومجالي أسمائه الحسنى ، ومظاهر صفاته العليا بوجوده الحقّاني ، فالوجود حق ، وما صدر عنه حق ، وله نفسية ، وليس أمر من الاُمور النورية الوجودية إلّا وله نفسية ، وواقعية وهو حق محض ، وصدق طلق ، فنفس الأمر في مراتبه النورية ليست إلّا حقاً ، ولا يتطرّق الكواذب ، والاعتباريات المختلقة من الوهم والخيال الى الحق وشؤونه ، ورسالتنا الموسومة بأنّه الحق تفيدك في المقام جداً .
واما ما قاله صاحب كشف المراد من أنّ المحقّق الطوسي ـ في حل الإشكال ـ لم يأت بمقنع ، فقد قال الدواني في حله ـ كما في الأسفار ـ : « إنّ شأن العقل الفعَال في اختزان المعقولات ، مع الصوادق ، الحفظ والتصديق جميعاً ، ومع الكواذب ، الحفظ دون التصديق ، أي الحفظ على سبيل التصوّر ، دون الإذعان ، لبراءته عن الشرور والأسواء التي هي من توابع المادة » (٤٥) .
أقول : الظاهر أنّ مراده المستفاد من تفسيره بقوله : أي الحفظ على سبيل التصوّر . . . » ان الكواذب منها مختزنة فيه بحسب وجوداتها العارية عن الكذب حقيقة ، فإنّ الكواذب من الشرور والأسواء التي من توابع المادة . مثلاً النكاح والسفاح من حيث وجودهما الخارجي على صورة واحدة ، والشرّ إنّما نشأ من جهة اُخرى ليست بسنّة فطرية إلهية وصورتهما العلمية الوجودية النفس الأمرية ليست بشر ، ولعلّ وجه التعبير
____________________________
(٤٥) لاحظ : ص ١٧١ ، ج ٣ ، الطبعة الاُولى .